الإصــلاح الإداري.. المرجعية النظرية وقضايا معاصرة

فرضت التحديات المعاصرة على جميع الدول – سواء أكانت متقدمة أم نامية – إعادة التفكير في أدوارها التي تلعبها، وذلك من حيث إعادة التفكير في تحديد طبيعة الأنشطة التي ينبغي أن تقوم بها وتلك التي ينبغي أن تتخلى عنها لتسمح بدور أكبر من المشاركة من قبل فئات المجتمع الأخرى، سواء أكانت خاصة أم تطوعية. ولما كان الجهاز الإداري لأية دولة هو ذراعها في تنفيذ أهدافها وتوجهاتها، ولما كان هناك تغيير في هذه الأهداف والتوجهات، فلا بد إذن للجهاز الإداري أن يواكب هذا التغيير في النسق القائم. ومن ثم ينبغي أولاً تحديد نطاق عمل الجهاز الإداري، ثم تحديد كيفية التطوير اللازم لكي يواكب التغييرات في البيئة المحلية والعالمية، وذلك بالنسبة للأنشطة التي تمثل النطاق الجديد لعمل هذا الجهاز.

ومن هنا تبرز أهمية موضوع التطوير الإداري لأجهزة الدولة المختلفة، والذي بالقطع ليس بالموضوع الجديد، لكن دراسته في ظل التحديات المعاصرة قد تضفي عليه نوعًا من الحداثة في التناول.

ومن هنا تنبع أهمية موضوع الكتاب الذي راعت فيه المؤلفة تحقيق قدر من التوازن بين التأصيل النظري للمفهوم وبين استعراض وتحليل مجموعة من الاتجاهات التقليدية والحديثة لآليات تطبيقه، هذا إلى جانب تناول بعض التوجهات المعاصرة التي من شأنها التأثير على دور الدولة، ومن ثم التأثير على دور جهازها الإداري.

ومن ثم ينقسم الكتاب إلى ثلاثة أجزاء، يتناول الأول القضايا النظرية وما يتصل بها من تعريفات أساسية وعلى رأسها عمليات الإصلاح الإداري واستراتيجياته وتكامل خططه. ويعرج الثاني إلى تناول نماذج مختلفة لمداخل عملية الإصلاح الإداري، سواء التقليدية منها أو الحديثة، مع التناول بالتحليل والدراسة لبعض منها. أما الجزء الثالث فيركز على بعض القضايا المعاصرة المرتبطة بالتغير في دور الدولة وانعكاساته على توجهات ودور جهازها الإداري وآليات العمل داخله.

وتأمل المؤلفة أن يكون ظهور هذا الكتاب، وفي هذا التوقيت الذي يتوق فيه الجميع إلى دور أكثر فعالية وإبداعًا للإدارة – من شأنه أن يغطي جانبًا في المؤلفات العلمية ذات القيمة النظرية والعملية في حقل الإدارة العامة بشكل عام ومجال الإصلاح والتطوير الإداري على وجه الخصوص. والكتاب لا يقدم وصفة جاهزة، ولكنه يسلح الدارس والمهتم وصانع القرار بمداخل وأدوات تعين على فهم الإصلاح الإداري والثقة في إمكانية القيام به.

إن هذا الكتاب ومؤلفته يستهدفان غرس ثقافة الإصلاح الإداري في مصر، وهي الجناح اللازم للإصلاح السياسي. كما تستهدف المؤلفة من هذا الكتاب كلاً من الباحثين في موضوع الإصلاح والتطوير الإداري وكذلك المشتغلين بهذا الحقل، متمنية أن يمثل هذا الكتاب نواة لفهم واستيعاب عناصر المفهوم.

المؤلف: أ.د. عالية عبد الحميد عارف

Share on facebook
Share on twitter
Share on linkedin
Share on whatsapp
Share on email

أحدث​ المقالات

الشلل الرقمي وتأثيره عالمياً

أصبحت التكنولوجيا الرقمية وما يرتبط بها من وسائل التواصل الاجتماعي والهواتف الذكية والمواقع الإلكترونية جزءاً هاماً من حياتنا اليومية ولا يمكن الاستغناء عنها، فجميعنا يتفقد

تفاصيل »

الذكاء الاصطناعي.. ثورة أم تهديد؟

يُعدُّ الذَّكاءُ الاصطناعيُّ، أداةً ثوريَّةً ستُحدِثُ تحوُّلًا هائلًا في كافَّةِ المجالاتِ، خاصَّةً الصناعةَ، فخلالِ السنواتِ القليلةِ المقبلةِ سيتغيَّرُ القطاعُ الصناعيُّ بشكلٍ جذريٍّ، وستحلُّ الربوتاتُ مكانَ

تفاصيل »