25 نموذجًا في الإدارة عليك معرفتها

 تشهد الفترة الحالية ثورة عارمة من التطورات والمتغيرات الكبيرة؛ إذ يزداد التحول إلى العالم الافتراضي وكذلك التحول الرقمي، فضلاً عمّا تخضع له نماذج الأعمال المعتمدة على الأنظمة المادية من ضغوط شديدة. ولسوء الحظ لا يمكن لأي نموذج إداري أو حتى مجموعة من النماذج أن تضمن لمدير أو مستشار الحلول المثلى للمشكلات التنظيمية، وإنما ربما توفر، في أفضل الأحوال، أسلوبًا جديدًا لمعاينة الموقف، وهو ما قد يساعد بدوره على إحداث تغيير إيجابي. وبالرغم من قيمة هذا الكتاب الذي يتناول “نماذج الإدارة”، فإننا نسمع دائمًا من خلال ممارستنا في تقديم الاستشارات عبارات مثل: “كنا مستعدين جيدًا لمواجهة هذا المنافس، لكن تحليلنا بنموذج بورتر (Porter) أوضح لنا أن…”، أو: “كنا مشغولين للغاية بتخفيض أسعارنا، ولكن حسب تحليل مجموعة بوسطن الاستشارية (BCG)، نحن…”، أو حتى: “ساعدنا نموذج الحوار الاستراتيجي في الحصول على دعم قوي لاتخاذ هذا القرار”. وعندما تحدث الظروف التي تجعل المنظمة تستمر في تعرضها للخطر، وتقتصر صلاحيات الإدارة على إجراءات العمل اليومية؛ يلجأ الكثيرون إلى نماذج الإدارة لمعرفة السبب وراء ما آلت إليه الأمور معتقدين أن نماذج الإدارة ستزودهم بالحقيقة الوحيدة أو الحل المطلق. ولكن بالنسبة لنا، فلا تعدو نماذج الإدارة إلا أن تكون مجرد أدوات مفيدة، تنفع في حل المشكلات أو التحليل أو دعم عملية اتخاذ القرارات وتيسيرها أو تحسين كفاءة وفعالية المنظمات وفرق العمل. ونرى باختصار أن نماذج الإدارة أدوات لحل المشكلات الشائعة والتحديات التي تواجهنا في مجال الأعمال. وفي هذا السياق، يمكن أن تعمل النماذج على تقديم رؤى قيِّمة وأطر سليمة تساعد فيي اتخاذ خيارات العمل المناسبة. ويمكن لنماذج الإدارة ونظرياتها أن تساعد المديرين والخبراء الاستشاريين في الاطلاع بوضوح على الأعمال من خلال الحدّ من التعقيدات وأوجه الالتباس الموجودة في العمل، لا أكثر ولا أقل من ذلك.ولقد اتضح ذلك بقوة أثناء الأزمة المالية التي تعرضنا لها في الفترة من 2007 إلى 2014؛ حيث كان الجميع يعلم أن انهيار النظام المالي والأزمة الاقتصادية العالمية والعولمة المستمرة واعتمادنا المتزايد على الإنترنت يحمل تحديات كبيرة: أعمال مختلفة، ونماذج أعمال مختلفة ومطالب مختلفة بشأن الموثوقية (أن تطابق أقوالك أفعالك)، والشفافية (إثبات مطابقة أقوالك لأفعالك)، والمرونة (أن تكون قادرًا على تغيير ممارساتك بسرعة). وعن طريق الاستعانة بالنموذج الإداري المناسب، قد تتمكن من استشراف هذه الأحداث وتأثيرها، وقد يساعد تحليل التهديدات الكامنة والاحتمالات الأساسية لهذه الأحداث وتقييمها في تحديد الخيارات والحلول المتاحة لمؤسستك حتى يتسنى لك التعامل معها.
ومع ذلك، فإن توافر مجموعة كبيرة من نماذج الإدارة يمكن أن يكون محيرًا للمديرين والاستشاريين على حدٍ سواء؛ إذ أنه لما شاع توافر النماذج الإدارية، أصبحت تستخدم بصورة متكررة، ولكن في كثير من الأحيان يتم استخدام عدد قليل من النماذج المعروفة عالميًا – على سبيل المثال، نماذج وضعها مؤلفون مشهورون، مثل مايكل بورتر (Michael Porter)، أو وضعتها شركات كبيرة، مثل ماكينزي أند كو (McKinsey & Co) أو بوسطن كونسلتنج جروب (Boston Consulting Group)، ولكن ماذا عن كل تلك النماذج الأخرى، هل هي غير معروفة؟ ربما لا، ولكن ربما يكون تطبيقها غير معروف، أو قد يكون غرضها غير واضح، أو ربما نجهل في أي سياق يحسن (أو لا يمكن) استخدامها.واستنادًا إلى كتابنا نماذج الإدارة الأساسية (Key Management Models) (Pearson, 2014)، اخترنا لك كتاب “25 نموذجًا في الإدارة عليك معرفتها”؛ حيث نقدم كل نموذج مع وصف، متبوعًا بتوضيح لسبب ووقت استخدامه، ووظيفة النموذج، والأسئلة التي يساعدك في الإجابة عنها، فالقصد من وراء تأليف هذا الكتاب أن يعرض “أفضل 25” نموذجًا من نماذج الإدارة الشائعة، فهو ليس وصفة لإدارة وتنظيم “جيدين”، وإنما يهدف إلى عرض مقتطفات مختارة تبين نماذج إدارة مفيدة أثبتت قيمتها من الناحية العملية للتغلب على التحديات الراهنة التي ذكرناها.
نقدم هذه المجموعة مرة أخرى بكل سرور وفخر؛ إذ إننا نثق في أن المديرين والاستشاريين الذين يستخدمونها يتحلون بالنضج والذكاء والفطنة اللازمة لتقدير مدى أهمية النماذج التي أدرجناها، والتي سوف نستخدمها في الإدارة وتقديم الاستشارات بطريقة سليمة ومبتكرة ومتسقة.وفي السياق نفسه، نعتقد أن هذا الكتاب وسيلة لاستعراض التعقيد، ولكنه- أيضًا- يساعدنا في التعامل مع هذا التعقيد عن طريق عرض 25 نموذجًا إداريًا لا غنى عن معرفتها لتبسيط الواقع ومحاولة تصوره، بحيث يمكن مناقشة مشكلات الإدارة باستخدام لغة مشتركة، والتعامل معها تعاملاً صحيحًا وسريعًا. ومن ثمَّ، عليك استخدم النماذج بحكمة في السياق الخاص بك، فهيكلة الواقع تختلف تمامًا عن إدارة الواقع.
ونرجو لكل من يقرأ هذا الكتاب أن يحصل على ما يبتغيه من فائدة ومتعة. وقبل كل شيء، نرجو لك أن تحقق العديد من النتائج البناءة من تطبيق النماذج على المنظمة التي تعمل بها.

المؤلف: جيربين فان دين بيرج / بول بييترزما

أكتوبر 2021

Share on facebook
Share on twitter
Share on linkedin
Share on whatsapp
Share on email

أحدث​ المقالات

الشلل الرقمي وتأثيره عالمياً

أصبحت التكنولوجيا الرقمية وما يرتبط بها من وسائل التواصل الاجتماعي والهواتف الذكية والمواقع الإلكترونية جزءاً هاماً من حياتنا اليومية ولا يمكن الاستغناء عنها، فجميعنا يتفقد

تفاصيل »

الذكاء الاصطناعي.. ثورة أم تهديد؟

يُعدُّ الذَّكاءُ الاصطناعيُّ، أداةً ثوريَّةً ستُحدِثُ تحوُّلًا هائلًا في كافَّةِ المجالاتِ، خاصَّةً الصناعةَ، فخلالِ السنواتِ القليلةِ المقبلةِ سيتغيَّرُ القطاعُ الصناعيُّ بشكلٍ جذريٍّ، وستحلُّ الربوتاتُ مكانَ

تفاصيل »