المدير العربي الذي نريد

مما لا شك فيه أن الإدارة والإنسان صنوان متلازمان، فالإدارة  قديمة قدم الانسان نفسه. وما أنتجه الإنسان من حضارة وتقنية على مر العصور لم يكن محض صدفة أو فعل عشوائي بل جاء في سياق إدارة رشيدة كانت محصلة للفعل الواعي والمنظم والمتناسق والموجه.

والإدارة في جوهرها خدمة وأن تدير الأفراد على سبيل المثال أن تخدمهم وقديما قالت العرب: “كبير القوم خادمهم”. أما المنظمات/ المنظمة على اختلاف أنواعها القانونية ومستوياتها وأحجامها وأشكالها القانونية : وزارات أو مؤسسات أو شركات وغيرها، ما هي إلا جملة من العناصر (أفراد، مواد، رأس المال، أفكار، وقت) التي تنتظم وفق نسق معين ويؤدي كل منها الوظائف المطلوبة منه لتحقيق الأهداف التي من شأنها كانت المنظمة وتبعا لذلك ما الإدارة إلا:

((جملة الفعاليات المنسقة والمنظمة لجهود الأفراد في تلك المنظمة لتحقيق أهدافها، ولكن ليس بأي ثمن أو كلفة بل بأقلها وأكثرها فاعلية وكفاءة ومن خلال الاستثمار الفعال لعناصر الإنتاج المتنوعة)).

ولكي تكون المنظمة فعالة فلا بد لها من إدارة واعية متبصرة وهذه لن تكون إلا في سياق نهج علمي منضبط ومتوازن ومن هنا راحت الإدارة تتطور كعلم بعد أن كانت جملة ممارسات وأفعال وعمليات يبدعها المديرون على اختلاف مستوياتهم في إطار المنظومة الثقافية السائدة وغيرها من الأطر البيئية والتاريخية والتقنية.

ويتوزع عمل المدير بغض النظر عن موقعه في الهرم الإداري من رتبة مشرف أو مراقب الى رتبة وزير أو رئيس تنفيذي على ثلاثة جوانب أساسية:

  • الجانب الفني ( المتخصص) والذي يرتبط بطبيعة عمل المنظمة وغاياتها من مثل الصحة أو التعليم أو الصناعة والتجارة أو النقل أو الشئون الداخلية أو الخارجية.
  • الجانب الإداري والإشرافي ويدخل في تصميمه الوظائف والعمليات الإدارية من تخطيط وتنظيم ورقابة وتوجيه وتشكيل وتنمية وخلق أجواء محفزة على الإبداع والابتكار وما يرتبط بإدارة الموارد البشرية وتنميتها.
  • الجانب المالي والمتعلق بالشئون المالية ذات الصلة ابتداءًا بإدارة المخصصات وضبط النفقات وترشيدها وانتهاءًا بتطوير الميزانيات وتنظيمها.

وكلما ارتقينا في المستوى الإداري كلما تقلص حجم الجانب الفني  لحساب الجانبين الإداري والمالي.

ومن نافلة القول التأكيد على أن المدير يستند في تصريف شئون منظمته أو وحدته الى سلطتين رئيستين: سلطة رسمية مخولة من المنظمة بحكم أنظمتها وتعليماتها؛ وسلطة شخصية نابعة من مؤهلاته وصفاته وسماته الشخصية.

في ضوء ما تقدم فمن هو المدير العربي الذي نريد ؟ وما هي الممارسات والخصائص التي نريدها فيه، والتي من خلالها يجسد نموذجًا راشدًا في الإدارة وما تمخض عن مدارسها ونظرياتها من أنماط ومبادئ وأسس وقيم ؟

بتقديرنا إنه المدير الذي لا يعتمد بشكل أساس على السلطات المخولة إليه من المنظمة في تصريف شئون أعماله لأن ذلك يقربه من الفشل في تصريف تلك الشئون ويقربه من مفهوم الرئاسة ويبعده عن مفهوم القيادة، حيث أرجحية التوظيف تكون للمؤهلات والصفات الشخصية.

إن المدير العربي و الناجح الفعال الذي نريد  يجب أن يكون  قائدًا بالضرورة لا رئيسًا أو زعيمًا. والمدير القائد هو المدير :

  • الذي لا يعتمد على السلطات المخولة إليه من المنظمة قدر اعتماده على السلطات النابعة من صفاته الشخصية وقدراته الفنية والادارية.
  • غير الرئيس أو الزعيم الذي يقتصر دوره على إعطاء الأوامر، ويؤمن أنه المالك الوحيد للحقيقة والصواب.
  • لا يحرج الأخرين ويلقي اللوم على الأخرين في حالات الفشل.
  • الذي قلما يلجأ للعقاب كوسيلة لحفز الأخرين على العطاء والامتثال.
  • الذي لا يُذكر الأخرين وفي معظم حركاته وسكناته بأنه الرئيس وأنه الأول والآخر.
  • الذي يثق بالأخرين ولا يتصدى لإنجاز المهام بمفرده ليعود فيملأ أجواء العمل تذمرًا وشكوى.
  • الذي لا يسير فقط طبقا لما تمليه العملية الإدارية ويعمل بالنتائج الموجهة.
  • المجدد المطور المحسن.
  • الذي يثق بالأخرين.
  • الباني للفريق والمنمي لروح العمل الجماعي.
  • الماهر في فنون الاتصال.
  • القادر على حل المشاكل واتخاذ القرارات.
  • الفارس المخاطر الحاسم.
  • الذي يهتم بالعمل والأداء على حد سواء.
  • الذي يتمتع بقدر كبير من القيم الاخلاقية (أمين، مخلص، ملتزم) والنشاط والطاقة والحيوية.
  • المخطط والمنظم الفعال.
  • المحدد ببراعة للأهداف ومرتب بارع للأولويات.
  • الشجاع والمقدام وذو تفكير مبدع ومجدد ومتزن ومعتدل وواقعي ومرن.
  • المتعاون والمتعاطف والمعين ولديه قدرة فائقة على التحكم في الانفعالات والتوترات والأزمات وضغوط العمل.
  • صاحب الرؤى الثاقبة والديناميكي الذي يقرن القول بالفعل.
  • الممكن و الموجه الراشد، والمدرب الماهر، والمحفز الإيجابي والمفوض البارع.
  • الديمقراطي بالفطرة وأبعد ما يكون عن الاستبداد أو التسلط أو التهاون.

م/ عبدالباسط محمود صالح

مستشار في الإدارة وتنمية الموارد البشرية

المملكة الأردنية الهاشمية

Share on facebook
Share on twitter
Share on linkedin
Share on whatsapp
Share on email

أحدث​ المقالات

الشلل الرقمي وتأثيره عالمياً

أصبحت التكنولوجيا الرقمية وما يرتبط بها من وسائل التواصل الاجتماعي والهواتف الذكية والمواقع الإلكترونية جزءاً هاماً من حياتنا اليومية ولا يمكن الاستغناء عنها، فجميعنا يتفقد

تفاصيل »

الذكاء الاصطناعي.. ثورة أم تهديد؟

يُعدُّ الذَّكاءُ الاصطناعيُّ، أداةً ثوريَّةً ستُحدِثُ تحوُّلًا هائلًا في كافَّةِ المجالاتِ، خاصَّةً الصناعةَ، فخلالِ السنواتِ القليلةِ المقبلةِ سيتغيَّرُ القطاعُ الصناعيُّ بشكلٍ جذريٍّ، وستحلُّ الربوتاتُ مكانَ

تفاصيل »