إدارة برامج التعليم والتدريب المهني في الوطن العربي : نظرة مستقبلية

كما هو معروف فأن فلسفة ادارة اي نشاط تنموي في مجتمع ما تبدأ من وضع تصور لنموذج او خطة نظرية شاملة تنبثق منها وعلى ضوئها سياسات قابلة للتنفيذ على ارض الواقع على ان يكون الهدف او الاهداف الاستراتيجية المرجو تحقيقها عند وضع تلك السياسات موضع التطبيق هو تطوير ذلك النشاط او القطاع بما يسهم في بناء الاوطان وزيادة الناتج المحلي وتحقيق فرص عمل مناسبة وكافية للشباب مما يؤدي الى انخفاض معدلات البطالة بينهم وما الى ذلك من مردودات ايجابية على المجتمع والتنمية  الاجتماعية والاقتصادية ويعزز التطور والاستقرار المجتمعي ويزيد من امكانية مجاراة بل منافسة الشعوب الاخرى على الصعيد الاقليمي والعالمي.

ان التعليم المهني هو ركيزة اساسية في البناء والانتاج ويستحق من صناع القرار العرب المزيد من الجهد  والاهتمام لتطويره وترصين برامج ادارته ودعمها بكل ما يلزم لكي تكون برامج فعالة ممكنة التطبيق وذات اهداف استراتيجية واضحة تتمخض عن سياسات قابلة للتنفيذ ومعززة بأدوات قياس الجودة والفاعلية ومرتبطة ببرامج تغذية عكسية عملية تؤدي الى امكانية تصحيح المسار خلال مراحل التطبيق المختلفة. ومن الواضح ان كل بلد من البلدان العربية يتميز بميزات اقتصادية خاصة به حيث تمتلك بعض البلدان العربية ثروات نفطية ومعدنية كبيرة قياسا لبقية البلدان العربية الاخرى ويمتلك البعض الأخر أثارا مهمة لحضارات قديمة يعرفها العالم اجمع ويتوق زيارتها. كما وتمتلك بعض البلدان العربية ثروات مائية وأراضي خصبة تؤهلها لأنتاج زراعي وفير وأخرى تتميز بطقس معتدل و بمواقع جغرافية سياحية مميزة و وهكذا. ولهذه الاسباب مجتمعة اقترح في هذا المقال تطوير برامج ادارة التعليم المهني على اساس قطاعي أي وضع سياسات وبرامج تناسب كل قطاع من القطاعات المختلفة كقطاع الثروة الحيوانية والزراعية وقطاع الثروة النفطية والمعادن وقطاع السياحة والأثار وقطاع الأنتاج الصناعي وهكذا. وبعد وضع الخطط المناسبة لهذه القطاعات في بلد معين من البلدان العربية يتم ترتيبها حسب الاهمية استنادا لخصوصية ذلك البلد ومدى حاجته الى برامج دون أخرى على ضوء مايتوفر من المميزات المذكورة اعلاه وعلى الاستعدادات والامكانيات المالية المتاحة للاستثمار في تلك البرامج والقطاعات.

ان اعادة النظر في برامج التعليم المهني في الوطن العربي على ضوء ما ذكرناه اعلاه يمكن ان يتمخض على سبيل المثال لا الحصر عن تأسيس كليات مجتمع على اساس تخصصي قطاعي او تطوير وتحديث ما يتوفر من هذه الكليات في بعض البلدان العربية .

الدكتور عبد الرسول الحياني

مستشار المنظمة العربية للتنمية الادارية سابقا

Share on facebook
Share on twitter
Share on linkedin
Share on whatsapp
Share on email

أحدث​ المقالات

الشلل الرقمي وتأثيره عالمياً

أصبحت التكنولوجيا الرقمية وما يرتبط بها من وسائل التواصل الاجتماعي والهواتف الذكية والمواقع الإلكترونية جزءاً هاماً من حياتنا اليومية ولا يمكن الاستغناء عنها، فجميعنا يتفقد

تفاصيل »

الذكاء الاصطناعي.. ثورة أم تهديد؟

يُعدُّ الذَّكاءُ الاصطناعيُّ، أداةً ثوريَّةً ستُحدِثُ تحوُّلًا هائلًا في كافَّةِ المجالاتِ، خاصَّةً الصناعةَ، فخلالِ السنواتِ القليلةِ المقبلةِ سيتغيَّرُ القطاعُ الصناعيُّ بشكلٍ جذريٍّ، وستحلُّ الربوتاتُ مكانَ

تفاصيل »