المقاربة بين حوكمة المؤسسات والريادية في المنظمة الاقتصادية – دراسة حالة المنظمات الإلكترونية والكهرومنزلية لولاية برج بوعريريج

ملخص الرسالة :

برز ومنذ مطلع القرن الماضي مصطلحين تزداد أهميتهما بمرور الزمن وهما الحوكمة والريادية، اللذان أحدثاَ انقلابا في طرق وأساليب العمل التقليدية، لذا هدفت هذه الدراسة إلى استعراض ما أوردته الأدبيات ذات العلاقة بمفهوم الحوكمة والريادية، وذلك لغرض الوصول إلى فهم عميق لجميع العوامل التي تجمع بينهما، حيث حاولنا دراسة مدى التقارب بين هذين المتغيرين في المنظمات الاقتصادية الجزائرية الناشطة في الصناعة الاليكترونية والكهرومنزلية، بالاعتماد على عدة مؤشرات لقياس الحوكمة والريادية وكذلك باستخدام مجموعة من الأدوات العلمية كالمقابلات الشخصية والاستبيان، والإحصائية SPSS وAMOS وبعد تفريغها وتحليلها، خلصت الدراسة إلى مجموعة من النتائج والتوصيات أهمها وجود تقارب قوي بين أبعاد ممارسة الحوكمة وأبعاد ممارسة الريادية باستثناء بعد اخذ المخاطرة، وعليه نوصي بزيادة اهتمام المنظمات الجزائرية بالمخاطرة وأيضا التوجه نحو المجتمع من خلال المسؤولية الاجتماعية.

الكلمات المفتاحية: الحوكمة، الريادية، الريادي، المنظمات الريادية، المنظمات الاليكترونية والكهرومنزلية.

ما مدى التقارب بين الحوكمة والريادية في المنظمة الاقتصادية الجزائرية؟

ولتسهيل الدراسة والإجابة على هذه الإشكالية قمنا بتقسيمها إلى التساؤلات الفرعية التالية:                                                                                      

  • ما هو مفهوم الحوكمة وما هي مبادئها، وما هو واقعها في الجزائر؟       
  • ماذا نقصد بالريادية؟ وما هي مؤشرات قياسها، وفيما تتمثل أساليب دعم الريادية في الجزائر؟
  • هل يوجد تصور واضح لأهمية تبني مبادئ الحوكمة واحتواء الريادية لدى المنظمات الاقتصادية الجزائرية المبحوثة؟
  • هل تبني الحوكمة يكون قبل احتواء الريادية أو العكس؟
  • هل يوجد تقارب بين الحوكمة والريادية في المنظمات المبحوثة؟

الفرضيات:            

بهدف الإجابة على إشكالية البحث ومختلف تساؤلاته قمنا ببناء دراستنا على الفرضيات التالية:    

  • إن تبني الحوكمة يسمح للمنظمات الاقتصادية التحول إلى التسيير بالتشارك بدل نمط التسيير التقليدي الذي يهمش الإبداع ويضفي عدم المصداقية والتلاعب في مصالح الآخرين؛
  • تعتبر الريادية المرآة العاكسة لسلوكيات واتجاهات المنظمات الاقتصادية في تطوير أعمالها من خلال الإبداع، والابتكار، وتحمل المخاطر، روح المبادرة، التميز والمبادأة؛
  • تدرك المنظمات الاقتصادية المبحوثة أهمية تبني الحوكمة والريادية؛
  • لا يوجد تقارب بين الحوكمة والريادية في المنظمات الاقتصادية المبحوثة.                                                                  

أسباب ومبررات اختيار البحث:

لا شك أن البحث في أي موضوع تكون وراءه أسباب معينة تدفع الباحث للدراسة والبحث فيه، ومن الأسباب التي جعلتنا نختار البحث في موضوع المقاربة بين الحوكمة والريادية نذكر ما يلي:

الأسباب الذاتية:

  • الرغبة الذاتية والميل الشخصي في معالجة ودراسة مواضيع الحوكمة والريادية؛
  • الشعور بالمسؤولية كباحثة لتحسين المنظمة الجزائرية ببحوث تحل ولو جزء مما تعانيه من مشاكل؛
  • الرغبة في إثراء مكتبة الكلية بمرجع يجمع بين الحوكمة والريادية باللغة العربية؛
  • الرغبة في لفت نظر المنظمات الجزائرية ورجال الأعمال والطلبة مستقبلا حول إمكانية اعتماد الحوكمة كمصطلح طغى عليه الجانب المالي ومقاربته بمصطلح في إدارة الأعمال وهو الريادية جنبا إلى جنب وتحقيق أهداف تلك المنظمات.

الأسباب الموضوعية:

  • من خلال اطلاعنا على الأبحاث السابقة ورغم كثرة البحوث في موضوع الحوكمة وفي موضوع الريادية لم نجد أي بحث قدم مقاربة بين الحوكمة والريادية في المنظمات الاقتصادية؛
    • البحث عن الأساليب الكفيلة بمحاربة الانتهازية والفساد في المنظمات المحلية وحماية مصالح المستخدمين والمساهمين؛                                                                                  
    • السعي إلى تقديم دراسة حول المقاربة بين الحوكمة والريادية في المنظمات الاقتصادية، وتمكين الباحثين الآخرين من تعميم هذه الدراسة على مختلف الجوانب وتزويد المكتبات ومراكز البحث بمراجع تحتاج إليها للقيام بدراسات اقتصادية أو مالية؛    
    • اقتراح نموذج مبني على مجموعة من المؤشرات يساعد المنظمات الاقتصادية الجزائرية في دعم قدراتها التنافسية والارتقاء إلى مستويات التنافسية العالمية.                                                                 

أهمية البحث: تبرز أهمية البحث من القيمة العلمية والتطبيقية التي سيحققها والمتمثلة في:

القيمة العلمية:

  • تنبع أهمية الدراسة من الحوكمة والريادية في حد ذاتهما فهما تعبير عن سلوكيات أخلاقية وإبداعية يجب أن تتوفر في الرئيس والمرؤوسين، وتوفرها يشكل أساس كل الأنشطة التنظيمية والذي بدوره يدعم القدرة على توليد الأفكار الجديدة والابتكار في طرق وأساليب العمل ويعزز الشفافية والإفصاح وتحمل المسؤولية، إضافة إلى حماية الأصول المالية والبشرية للمنظمة؛
  • ندرة وحداثة هذه الدراسة وفق اطلاع الباحثة في المكتبات حيث لا توجد ولا دراسة أشارت إلى التقارب بين مصطلحي الحوكمة والريادية؛
  • إثراء الجانب الفكري والمعرفي بخصوص الحوكمة والريادية حتى لا يبقى ينظر إليهما على أنهما مصطلحين ينبغي تطبيقهما بحذافيرهما.

القيمة التطبيقية:

  • البحث في مدى اهتمام المنظمات الجزائرية عموما والمنظمات المبحوثة خاصة بمثل هذه المواضيع، إلى جانب حداثة الموضوع في هذه المنظمات؛
  • دراسة مدى قدرة المدراء والمدراء التنفيذيين على استيعاب فكرة أن يكون هناك نموذج عملي يساعد على قمع الغش والتلاعب ويزيد من قدراتهم الإبداعية والابتكارية ويعزز القدرات التنافسية للمنظمة؛
  • الأهمية الميدانية للدراسة حيث تم اختيار قطاع استراتيجي وحيوي لديه أهمية كبيرة في التنمية الاقتصادية في الجزائر، وهو قطاع الصناعة الاليكترونية والكهرومنزلية والتي تظهر أهميته بقوة في بيئة الأعمال الجزائرية؛
  • محاولة إعطاء تصور لنموذج عمل جديد يعزز مبادئ الإفصاح والشفافية ويزيد من الثقة في التعامل والذي بدوره يقوي الإحساس الإبداعي والابتكار بالمنظمات المبحوثة، والوقوف عند معرفة المؤشرات التي على أساسها نستطيع قياس ذلك في العينة المبحوثة.
  • التوصل إلى نتائج وتقديم اقتراحات وتوصيات تساعد على انتهاج هذه المقاربة.

أهداف البحث: نهدف من خلال هذه الدراسة إلى:

  • إثراء الجانب المعرفي في الحوكمة الذي يعد من أهم ما طرحه العصر، من خلال التغيرات الهيكلية المرتبطة بالبيئة التنظيمية والتشريعية لعمل المنظمات، واستقلالية القضاء وشفافية التشريعات وحماية حقوق الأقلية وتوليد الثقة لدى المستثمرين؛                                                                        
  • إعطاء الأولوية لنظم التسيير العصرية واعتماد الطرق التجريبية الحديثة في تنمية وتطوير القوى العاملة التي من شأنها أن تولد انعكاسات ايجابية في سوق العمل، وتسمح بتحقيق الريادية في المنظمات من خلال تحسين كفاءة الموارد البشرية على الإبداع والتطوير؛
  • يتعرض تطبيق الحوكمة لاختلافات كثيرة أثناء الممارسة فكل منظمة تطبقها بالشكل الذي يسهل عليها الحصول على منافع بأقل التكاليف، دون أن تراعي ما إذا كان هذا قد يؤثر على مستويات الإبداع والابتكار والتميز، وبالتالي وجود علاقة تربط بين الحوكمة والريادية قد يعطيها خصوصية في تحقيق أهدافها؛
  • مزج مكونات الحوكمة في محتويات الريادية أي عملية تهجين للمفهومين حتى يتماشى مع المنظمة التي ستطبقهما مع بعض؛
  • تأصيل المحتوى الفكري والمنهجي لهذا المزج وربطه مع البيئة التنافسية وتصور كيف ستصبح المنظمات بعد التطبيق.  

حدود البحث:

تقتضي هذه الدراسة التحليل العلمي المرتبط بمنهج علمي موضوعي يسير نحو الحصول على نتائج للإشكالية المطروحة ضمن حدود وأبعاد تتمثل فيما يلي:                                                             

  • البعد الزماني: يتوافق السياق التحليلي لبحثنا هذا في مجاله الزماني المتزامن مع الأزمات المتكررة التي برزت نهاية القرن العشرين، والتي مست أكبر المنظمات بسبب انعدام الثقة لدى المتعاملين الاقتصاديين نتيجة أعمال الغش والاحتيال الذي تعرضت له معظم المنظمات المالية إلى جانب سعيها الدائم نحو تحقيق الريادية؛                                                                                                                                                                
  • البعد المكاني: تقتضي الإجابة على الإشكالية المقدمة تقديم تقارب منطقي بين الحوكمة والريادية بناءاً على ما يميز كل منهما، والأمور التي يضفيها هذان المعنيان إذا ما طبقا في المنظمة في مسعى منهما للنمو والتطور وإعادة الثقة في التعامل.    

أدوات البحث:

بصدد الدراسة والتحليل المعمق استندنا على بعض الوسائل والأدوات التي تساعدنا على بلوغ هدفنا، وهي: الكتب باللغات(العربية، الفرنسية والإنجليزية)، المذكرات، الدوريات، المجلات، مواقع الإنترنيت، الدراسات السابقة،بالإضافة إلى الاعتماد على المقابلات الشخصية المفتوحة من أجل الحصول على المعلومات المتعلقة بالموضوع، كما تم الاعتماد على الملاحظة والاستبيان في جمع البيانات الخاصة بالموضوع في جانبه التطبيقي، وبهدف كشف علاقة التقارب بين المتغيرات الواردة فيه، وأيضا استعمال بعض أدوات الإحصاء الوصفي والاستدلالي وتحليل وبرمجة البيانات باستعمال الحزمة الاجتماعية SPSS والتحليل العاملي التوكيدي والاستكشافي من خلالAMOS.                                                                                      

هيكل البحث:

قمنا بتقسيم هذا البحث إلى ثلاث فصول وذلك بغية الإلمام بمختلف جوانب الحوكمة والريادية في سبيل الحصول على تقارب منطقي بينهما،

حيث تم التطرق في فصلها الأول والمعنون بالتأصيل النظري للحوكمة إلى مختلف النظريات والمفاهيم المفسرة للحوكمة، مع الإشارة إلى أهم المبادئ والنماذج والمؤشرات المتعلقة بالتطبيق السليم للحوكمة، كما قمنا بإعطاء نظرة حول واقع الحوكمة في الجزائر مشيرين إلى أهم التحديات التي تحول دون التطبيق الجيد للحوكمة وتم التوصل الى توصلنا من خلال هذا الفصل إلى أن الحوكمة هي مجموعة من القيم والسياسات والمنظمات الذي من خلاله تدير جماعة شؤونها الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، بما في ذلك الصفقات التي تتم بين الدولة والمجتمع المدني والقطاع الخاص، ومن ثم تتصف الحوكمة بالمواصفات المهمة الآتية: الانضباط، الإفصاح والشفافية والكفاءة، الفعالية والاستجابة، المساءلة ، العدالة والشمولية المسؤولية الاجتماعية.

كما يهتم هذا المصطلح بالممارسات والكيفية التي يتم بها ضبط أداء المنظمات ورفع كفاءتها ومجموعة التدابير التي يتم من خلالها متابعة أداء إدارة المنظمات والرقابة عليها، ومعالجة المشكلات الناجمة عن ذلك، والعلاقة بين الجهات التي تحكم عملها من الداخل والخارج.

تقوم الحوكمة بتنظيم العلاقة بين أربع أطراف رئيسية وهم: المساهمين والإدارة التنفيذية والإدارة العليا ومجلس الإدارة، بحيث تحدد مسؤوليات كل طرف وحقوقه. كما تهدف إلى تعزيز مبادئ  الشفافية والمساءلة والمسؤولية والعدالة، من خلال وضع مجموعة من القواعد التي يجب على المنظمات التقيد بها. وقد وضعت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية مبادئ تعتبر مرجعية لكافة المنظمات.

ومن أهم هذه المبادئ؛ وضع إطار فعال للحوكمة من خلال وضع القوانين والتشريعات المتعلقة بالحوكمة، التي تتوافق وتنسجم مع القوانين الأخرى السائدة في البلد. بالإضافة إلى تشجيع فعالية الأسواق المالية في الدولة؛ وحرية تنقل رؤوس الأموال عبر الحدود، وتأسيس المؤسسات الرقابية اللازمة في الدولة. وتمتع المساهمين بالحقوق التي يضمنها لهم القانون؛ وعلى المساواة بين المساهمين صغارهم وكبارهم وكونهم مواطنين أو أجانب.

أما الفصل الثاني والموسوم الأسس النظرية للريادية فتم التطرق فيه إلى مفهوم الريادية من خلال الإشارة إلى مفهومها وآثارها الاقتصادية والاجتماعية، كما تم إعطاء نظرة حول الريادي مفهومه وخصائصه وأنواعه، ونظرة حول المنظمات الريادية والبيئة الداعمة لنموها مشيرين بذلك إلى واقع الريادية والمنظمات الريادية في الجزائر. وتوصلنا من خلاله إلى أن نظرة واتجاهات المفكرين لمفهوم الريادية والتي اختلفت بحسب البيئة الاقتصادية وتطورها، كما ركزت على القدرات البشرية وتطورها وما يمكن استنتاجه من خلال هذا الفصل ما يلي:

الريادية هي عملية ذكية متكاملة ومتفاعلة ومنتظمة ومستمرة، تبدأ بالترقُب لملاحظة فرص جديدة ناشئة في السوق، واختيار ملائم لتطلعات ورغبات وموارد الفرد المستعد لتحمل وقبول المخاطرة، فهي تعتمد على عدة استراتيجيات وهي: روح المبادرة، الإبداع، الابتكار، التفرد/ التميز، والمبادأة)؛

الريادي هو الباحث عن التفرد والتميز، وهو الذي يكرس الوقت والجهد اللازمين، واكتساب نتائجهما من خلال تطوير شيء فريد يعطي قيمة مضافة أخرى، كما انه يتمتع بمجموعة من الخصائص الشخصية، النفسية، والسلوكية التي تؤهله على القيام بالعملية الريادية وتحمل المخاطرة واغتنام الفرص المختلفة؛

وتأخذ الريادية أبعاد متنوعة منها: الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وغيرها، من خلال تحقيق التوافق الجديد لهذه العوامل، فالمشروع الريادي يركز على الإبداع والقيادة، وقد يكون له أبعاد تكنولوجية، أو منتجا جديداً أو طريقة جديدة في تقديم المنتج أو الخدمة.

كما تساهم المنظمات الريادية الفعالة في تحقيق التنمية الاقتصادية، وبزيادة سرعة خطى التنافس بين المنظمات المحلية والعالمية التي تعمل بأسلوب ابتكاري لنشر المعلومات من أجل إنتاج السلع وتقديم خدمات جديدة للعملاء، لإعادة النظر في أنماط العمل التقليدية الناجحة.

أما الفصل الثالث فقد خصص للدراسة الميدانية فمن أجل معرفة مدى التقارب بين الحوكمة والريادية قمنا باستخدام مختلف الأساليب الإحصائية التي يمكن أن تحقق ذلك، حيث قمنا بعرض مفصل للمنهجية ومتغيرات الدراسة، بوصف خصائص عينة الدراسة الديموغرافية، ثم عرض ومناقشة إجابات أفراد العينة على مختلف فقرات الاستبيان المتعلقة بأبعاد الحوكمة والريادية، وتحليل التقارب بينهما.

حيث تبين من اختبار الثبات أن ألفا كرونباخ مرتفع بالنسبة للأبعاد الرئيسية لكل من الحوكمة والريادية، وتبين من معاملات الارتباط وجود علاقات ارتباط ذات دلالة إحصائية بين أبعاد الحوكمة والريادية، كما أظهرت نتائج التحليل العاملي التوكيدي للمتغير الكامن والمتمثل في الحوكمة والمتغير الكامن الريادية مطابقة جيدة للبيانات حيث بينت قيمة التشبعات المعيارية المرتفعة نسبيا صدق التقارب بين المؤشرات والمقياس.

كما قمنا أيضا بقياس مدى وجود تقارب بين الحوكمة والريادية في المنظمات الاقتصادية الجزائرية الناشطة في قطاع الصناعات الاليكترونية والكهرومنزلية، وذلك من خلال استخدام معامل ارتباط بيرسون والانحدار الخطي، والذي بين لنا على وجود ارتباط بين مؤشرات الحوكمة ومؤشرات الريادية ولكن بنسب  متفاوتة، والذي توصلنا من خلاله أيضا إلى أن تحقيق التقارب بين الحوكمة والريادية يكون بتبني المنظمات المبحوثة خاصة والمنظمات الجزائرية عامة للحوكمة وتهيئية الظروف لتحقيق الريادية كون هذه الأخيرة تتطلب أمور كثيرة وليس الحوكمة فقط.

وأيضا ولتأكيد النتائج المتوصل إليها من هذا الارتباط قمنا بالاستعانة بالتحليل العاملي التوكيدي والاستكشافي باستخدام AMOS، والذي بين لنا أن هناك تكتل لأغلب الأبعاد والتي اجتمعت في مجموعة واحدة (عامل واحد) والمستحوذة على 55,39% من التباين الكلي وشذوذ كبير لبعد أخذ المخاطرة.

8- التوصيات والاقتراحات:

  • على ضوء النتائج التي تم التوصل إليها من نتائج نظرية وأخرى ميدانية فإننا نوصي بما يلي:
  • ينبغي عدم إهمال المنظمات الصغيرة والمتوسطة لنظام الحوكمة فهي صغيرة اليوم ورائدة غدا، والالتزام بمبادئ النزاهة والشفافية والمساواة والمشاركة سيعزز بنية الإبداع والابتكار لديها؛
  • انشغال المنظمات بتحقيق عوائد ضخمة سيترك المجال للمنظمات المنافسة باستغلال مختلف الفرص واحتواء الملكات الفكرية المتنوعة لتحقيق التميز، لذلك ينبغي الالتفات نحو السبل التي تحقق الاستدامة فتنويع الأنشطة لتحقيق الأرباح سوف يضيع فرص كبيرة لها؛
  • ينبغي على المنظمات الجزائرية عامة والمبحوثة خاصة أن ترسم رؤيا ايجابية للأهداف التي تطمح الوصول إليها، وامتلاك الرواد ورجال الأعمال لنظرة تكون أكثر تبصرا يدعمون بها أعمالهم ونقل تلك الرؤيا نحو المسار الريادي؛
  • لا بد على المنظمات القيام بعملية تقييم لأعمالها بعد كل انجاز حتى يتسنى لها تحديد النقائص والبحث عن الحلول، ولا تترك المجال لمنافسيها في جعل تلك النقائص فرصا لها؛
  • تحديد العوامل التي تؤثر على الأنشطة الريادية على المستوى الوطني، والتعرف على الظروف السياسية الممكنة لتشجيع الأنشطة الريادية؛
  • إعادة النظر في طرق وأساليب الإدارة الإستراتيجية التقليدية، من خلال تطبيق نظام الحوكمة واحتواء مقومات الريادية؛
  • استحداث جمعية لأعضاء المنظمات تقوم بتقديم النصح والمعلومات واقتراح مستويات أداء لأعضائها، وكذلك إصدار قواعد إرشادية لعمل مجلس الإدارة واللجان التي يعينها؛
  • الأخذ بأفكار الأفراد العاملين في المنظمة والتركيز على الملكات النادرة والتي من الممكن أن تكون وسيلة للتميز والريادية؛
  • وضع قيم وقواعد وممارسات ترَسِخ مبدأ الشفافية بصورة تغلق منافذ الفساد الذي عادة ما يخلق بيئة غير مواتية لمنظومة العمل الريادي؛
  • ينبغي على رجال الأعمال أخذ طبيعة المخاطرة عند القيام باتخاذ القرارات والعمل على اتخاذ تلك القرارات التي تكون أقل تأثيرا في الأجل البعيد فضلاً عن ضرورة اعتماد واستثمار عناصر القوة في المنظمة من أجل العمل على تقليل الآثار السلبية لتلك المخاطر؛
  • إقرار تخصصات ومقاييس لتدريس الحوكمة والريادية في الجامعات الجزائرية وذلك لما تقدمه من انعكاسات ايجابية على سوق العمل وكذا التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
  • وفي النهاية نقول أن الحوكمة والريادية عنصران يكملان بعضهما لذلك ينبغي تهيئة البيئة المناسبة التي تجعل المنظمات الجزائرية تكون في الريادية بداية من العناصر المميزة والكامنة فيها (الإفصاح والشفافية، المساواة، المشاركة، الاستقلالية، الإبداع، الابتكار، المخاطرة، المبادأة، وروح المبادرة).

9- آفاق الدراسة:

  • استشراف دور الريادية في صياغة ميزة تنافسية للمنظمات الاقتصادية
  • دور تبني الحوكمة والريادية في تحقيق كفاءة رأس المال الفكري؛
  • أثر الاختلاف في تطبيق الحوكمة على نجاح استراتيجيات الريادية؛
  • آفاق المنظمات الاقتصادية الحديثة في تحقيق الريادية والتميز؛
  • دور تبني مقاربة الحوكمة والريادية في بناء قدرات تنافسية جديدة.

د.  بن قايد فاطمة زهرة

جامعة برج بوعريريج – 2018

Share on facebook
Share on twitter
Share on linkedin
Share on whatsapp
Share on email

أحدث​ المقالات

الشلل الرقمي وتأثيره عالمياً

أصبحت التكنولوجيا الرقمية وما يرتبط بها من وسائل التواصل الاجتماعي والهواتف الذكية والمواقع الإلكترونية جزءاً هاماً من حياتنا اليومية ولا يمكن الاستغناء عنها، فجميعنا يتفقد

تفاصيل »

الذكاء الاصطناعي.. ثورة أم تهديد؟

يُعدُّ الذَّكاءُ الاصطناعيُّ، أداةً ثوريَّةً ستُحدِثُ تحوُّلًا هائلًا في كافَّةِ المجالاتِ، خاصَّةً الصناعةَ، فخلالِ السنواتِ القليلةِ المقبلةِ سيتغيَّرُ القطاعُ الصناعيُّ بشكلٍ جذريٍّ، وستحلُّ الربوتاتُ مكانَ

تفاصيل »