سميث آدم

سيرته الذاتية:

عرف سميث، آدم (1723- 1790م) بمؤسس المدرسة الكلاسيكية للفكر الاقتصادي، وقد ولد في مدينة كيركالدي، الميناء البحري والمدينة الصناعية بأسكتلندا. التحق بكلية غلاسجو في الرابعة عشرة من عمره ودرس فيما بعد الأخلاق والعلوم السياسية واللغة في كلية باليول بأكسفورد. وانتخب “بروفيسور” في المنطق في كلية غلاسجو في عام 1751م، وفي السنة التالية تولى منصب كرسي أستاذية الفلسفة الأخلاقية، والذي تقلده لقرابة 12 عاماً. ترك سميث وظيفته وانتقل إلى فرنسا ليصبح مدرسًا لابن زوجة تشارلز تاونسيند، مستشار خزانة الدولة الذي اشتهر فيما بعد بقضية ضريبة الشاي الاستعمارية.

وبينما كان في فرنسا، أقام علاقة صداقة شخصية قوية مع الفيزيقراطيين، وكان من بينهم كويسني وتورغوت. وقد أثنى على كتاباتهم بوصفهم الأقرب إلى الحقيقة فيما يتعلق بمادة الاقتصاد السياسي. الفيزيوقراطية مذهب اقتصادي نشأ في فرنسا في القرن الثامن عشر، وقال أصحابه بحرية التجارة والصناعة وأن الأرض مصدر الثروة كلها، وكان ذلك عبارة عن ردة فعل تجاه مذهب المركنتلية الاقتصادي الذي كان سائدًا في أوروبا خلال انحلال النظام الإقطاعي لتعزيز ثروة الدولة عن طريق التنظيم الاقتصادي الصارم لكل الاقتصاد وتجاه الخصائص الإقطاعية للنظام القديم في فرنسا. وقد أخضعت الحكومة الفرنسية تجارة الحبوب لعدة قرون لقوانين صارمة. وعارض الفيزيوقراطيين كل القيود الحكومية ووضع السياسات، مستندين إلى التحليل الاقتصادي الذي يشجع التطوير الاقتصادي الرأسمالي دون تدخل الحكومة في الاقتصاد. ولاشك أن التبصر الذي اكتسبه من الفيزيقراطيين هو الذي أثر في عمله البارز: التحقيق في طبيعة ومسببات ثروة الأمم An Inquiry into the Nature and Causes of the Wealth of Nations. وقد كانت شهرته مباشرة وظلت إلى الأبد.

مساهماته وأهم أعماله:

في الواقع فإن سميث قدم عملين مهمين خلال حياته. وعلى الرغم من أن كتاب ثروة الأمم Wealth of Nations قد اعترف به بوصفه أفكارًا عن تقسيم العمل وهو الأهم في هذا المجال. وفي كتابه: مسببات التحسين في القوى الإنتاجية للعامل، استطاع سميث أن يرسي الأساس لتبسيط العمل الحديث ودراسة الوقت. وحاول أن يبرهن على أن تقسيم العمل يزيد من إنتاجية العاملين، وذلك لثلاثة أسباب:

أولاً:     تتكون لدى كل عامل براعة متزايدة في أداء مهمة واحدة بسيطة مرات ومرات.

ثانياً:     يتم توفير الوقت إذا كان العامل ليس في حاجة للتحول من نوع عمل إلى نوع آخر.

 ثالثاً:    يمكن ابتكار آلات لزيادة الإنتاجية، حيث إن مهمة واحدة يتم تبسيطها وجعلها روتينية بواسطة تقسيم العمل.

ووفقاً لسميث فإن الإنتاجية يتم تعزيزها أيضًا من خلال مكافأة العاملين مقابل جهودهم. حيث لاحظ في كتابه: مسببات التحسين في القوى الإنتاجية للعامل، الفصل الثامن أن المكافأة السخية للعامل، والتي تولد التشجيع، وبالتالي تزيد من مثابرة الناس العاديين. وأجور العمل هي أحد الأمور التي تشجع المثابرة، وهي كأية مزية إنسانية أخرى تتحسن بشكل يتناسب مع التشجيع الذي يتلقاه العامل. وحيثما تكون الأجور عالية وفقًا لذلك، سنجد أن العامل أكثر نشاطًا واجتهادًا وسرعة في كل أداء كان فيه بطيئاً.

وفي الواقع فإن سميث كان لديه الكثير الذي يود قوله عن العلاقة بين الإدارة والعمل. وهو يرى تضاربًا في المصلحة بين العاملين ورب عملهم عندما يحاول كل جانب تنظيم التأثير على الأجور. وهو يشدد على أهمية كل جانب في إدراك الحاجة لفهم الحوافز الأخرى في الاهتمام بزيادة الخير للكل.

وهكذا فإن سميث، آدم يحاول إثارة القضايا البارزة التي تواجه المديرين من البداية، ونحن الآن نشير إلى هذه القضايا باسم المفاوضات الجماعية وعلاقات العمل، التي تمثل قمة الاقتصاد الكلاسيكي، وقد نشر سميث أيضًا نظرية العاطفة الأخلاقية، عام 1759م. ولم يقدم هذا العمل مساهمة تذكر في مجال الإدارة العامة، لكن من المهم ذكر شيء عنه نظرًا لعلاقته بكتاب ثروة الأمم، فمثلاً، في كتاب نظرية العواطف الأخلاقية The Theory of Moral Sentiments، ناقش سميث القوى الأخلاقية التي تربط الناس بعضهم بعضًا في مجتمع عامل. وقال إن الناس يمكنهم أن يوجدوا في مجتمع ما، ويكونوا عرضة لضرر متبادل، وفي حاجة لأن يساند بعضهم بعضًا. وقد اهتم سميث في كتاب ثروة الأمم بسعي الإنسان بما يعود عليه بالخير. وافترض سميث وجود مجتمع عامل، وبيَّن كيف أن الفرد يكون محددًا بالقوى الاقتصادية. ويوضح كتاب نظرية العواطف الأخلاقية أن التعاطف والنزعة إلى عمل الخير يتغلبان على الأنانية. كما يبين كتاب ثروة الأمم، أن المنافسة تعمل على كبح جماح الأنانية. والكتابان يقفان جنبًا إلى جنب، ويمثل كتاب العواطف الأخلاقية أفكار سميث المبكرة كفيلسوف. ويمثل كتاب ثروة الأمم إدراك سميث للإنسان في البيئة الاقتصادية. والكتابان يحاولان أن يصالحا الفرد مع المصلحة الاجتماعية من خلال مبدأ اليد الخفية، أو من خلال التناغم الطبيعي بين مبادئ الحرية والعدل.

مساهماته في الفكر الإداري:

على الرغم من أن كتاب ثروة الأمم يعتبر أهم مساهمة له في الفكر الإداري، لكننا نتذكر مساهمته في تاريخ الفكر الإداري لتبصراته في العملية الإنتاجية، وكيف يمكن للرجال والنساء أن يتم تنظيمهم لإنجاز مهامّ محددة.

أفكار تتعلق بالشئون الحكومية:

حتى يكون استعراضنا مكتملاً لا بد من التعليق – حتى ولو بشكل مختصر – على معتقدات سميث التي تتعلق بدور الحكومة في المجتمع. اعتبر سميث من قبل الكثيرين أنه أب لسياسة عدم التدخل، ويجب ألا تتدخل الحكومة في الاقتصاد وفي عمل السوق. كيف ينظر سميث إلى حال دور الحكومة والمديرين في الإدارة العامة؟ لقد أعلن عن ثلاث مسئوليات أساسية:

  • الدفاع عن البلد.
  • إدارة العدل وتوفير العدالة.
  • تقديم بعض الخدمات العامة والمحافظة عليها.

ويمكن للمرء أن يرى في كتاب ثروة الأمم، عودة إلى الأمم ذات المسئولية الاجتماعية والعدل، والتي عبر عنها سميث في كتابه العواطف الأخلاقية. وهو يعتقد أن واجب الحكومة حماية المجتمع من العنف والغزو من قبل المجتمعات الأخرى، ولحماية أي عضو في المجتمع من حالات الظلم التي قد تصيبه من أفراد المجتمع الآخرين، ولتطوير بنية تحتية اجتماعية لفائدة الجميع في المجتمع.

قدم سميث أفكارًا مهمة عن الأنشطة التي يجب على الحكومة أن تدعمها (مثل إقامة المدارس العامة للفقراء)، وعن آلية استخلاص مصادر دخل لدعم الأنشطة الحكومية. وهكذا إضافة إلى مساهماته في مجال الإدارة، كان سميث من بين أوائل من صاغوا السياسات المالية والاجتماعية.

مسرد لأهم أعماله:

  1. Smith, Adam. An Inquiry into the Nature and Causes of the Wealth of Nations. Edwin Cannon, NY; Random House 1957.
  2. Smith, Adam. The Theory of Moral Sentiments, London: Henry G. Bohn, 1853 (Originally Printed 1759).
  3. Smith, Adam. Essay on Philosophical Subjects, Posthumously, 1795

المراجع:

  • Encyclopedia Americana, International Edition, 1982, s.v. Adam Smith.
  • Encyclopedia Britannica, 15th edition, 1981, s.v. Adam Smith.
  • Muller, Jerry Z. Adam Smith in his Time and Ours: Designing the Decent Society. Princeton University, Press, 1995.
  • Muller, Jerry Z. The Mind and the Market: Capitalism in Western Thought. Anchor Books, 2002.

المصدر:

د. إبراهيم علي ملحم (2008)، علماء الإدارة وروادها في العالم: سير ذاتية وإسهامات علمية وعملية، (القاهرة: المنظمة العربية للتنمية الإدارية).

Share on facebook
Share on twitter
Share on linkedin
Share on whatsapp
Share on email

أحدث​ المقالات

الشلل الرقمي وتأثيره عالمياً

أصبحت التكنولوجيا الرقمية وما يرتبط بها من وسائل التواصل الاجتماعي والهواتف الذكية والمواقع الإلكترونية جزءاً هاماً من حياتنا اليومية ولا يمكن الاستغناء عنها، فجميعنا يتفقد

تفاصيل »

الذكاء الاصطناعي.. ثورة أم تهديد؟

يُعدُّ الذَّكاءُ الاصطناعيُّ، أداةً ثوريَّةً ستُحدِثُ تحوُّلًا هائلًا في كافَّةِ المجالاتِ، خاصَّةً الصناعةَ، فخلالِ السنواتِ القليلةِ المقبلةِ سيتغيَّرُ القطاعُ الصناعيُّ بشكلٍ جذريٍّ، وستحلُّ الربوتاتُ مكانَ

تفاصيل »