وودرو ويلسون

سيرته الذاتية:

ولد ويلسون، وودرو في 28 ديسمبر عام 1856م ، وأصبح الرئيس الثامن والعشرين للولايات المتحدة. توفي في واشنطون في 3 فبراير عام 1924م. عندما بلغ الثامنة والعشرين كتب وودرو ويلسون لصديقه هيث دابني عن حياته، كيف كان وماذا يريد أن يفعل، وشرح له أيضًا أن ما كان يريده هو مهنة ما توفر له دعمًا معتدلاً، وظروفًا مرضية للدراسة، ومتعة معتبرة، وأن أفضل شيء يجسد ذلك هو أن أغدو “بروفيسوراً”.

مساهماته:

ويلسون، ودرو رئيس الولايات المتحدة الأمريكية من 1913-1921م. وكان رئيس الجمعية الأمريكية للعلوم السياسية، ويعد واحدًا من أهم الأصوات الأولى المؤثرة في حقل العلوم السياسية والإدارة العامة. لعب ويلسون دورًا كبيرًا ومؤثرًا عن طريق الكتابة والبحث العلمي والتنظير السياسي والممارسة الفعلية لكيفية إدارة الشأن العام وأجهزة الدولة، حيث ألف العديد من الكتب والمقالات والدراسات وشارك في العديد من اللقاءات والاجتماعات واللجان قبل أن يتولى رئاسة الولايات المتحدة. وباستعراض بعض ما ورد في كتبه يتضح مدى الدور والتأثير الذي لعبه خلال فترته بتنظيم وإدارة النظام الحكومي والدستوري الأمريكي. فمثلاً باستعراض كتابه: حكومة الكونجرس Congressional Government، نلاحظ أن هذا الكتاب طبع وأعيدت طباعته عدة مرات، وذلك لأهميته. وفي مناسبة إعادة طباعته للمرة الخامسة عشرة، كانت تنتاب ويلسون، وودرو شكوك عديدة عن الكتاب واعتقد أنه أصبح قديماً.

وقد تصدر ويلسون واجهة الشئون العامة، الأمر الذي لم يحدث منذ الربع الأول للقرن التاسع عشر، إلا في عهد الرئيس لنكولن، حيث تم تنظيم الشئون الخارجية للأمة الجديدة للمرة الأولى، واختفت أية مشكلة تتعلق بطباعة وقراءة كل كلمة من خطب الرئيس. ونزولا على اختياره ولشخصيته وخبرته في عديد من القضايا عظيمة الشأن تتعلق بالمستقبل كان من المقبول أن يكون حكم الكيانات التابعة في يده إلى حد كبير. فهو مقتنع بأن الأمور المشوقة قد تأتى من التغيير الشخصي.

كان ويلسون مقتنعًا – أيضًا – بأن الجوائز أو الحوافز الجديدة في الخدمة العامة قد تخلق نظامًا جديدًا من الموهبة. وربما تحصل الأمة على خدمة مدنية أفضل، ولأن الضرورة المحضة سوف تحتم وجود خدمة قادرة على حمل الأعباء الجديدة.
جاء في كتابه أنه ربما تكون القيادة الجديدة أيضًا بالنسبة للتنفيذي ذات تأثير كبير في طريقتنا للحكم. وربما ستمنح رؤساء الأقسام التنفيذية تأثيرًا جديدًا على عمل الكونجرس. وقد تأتى بعملية تكامل تحل محل نظام رجل الدولة للحكومة من خلال الاجتماع الكبير. الأمر الذي ربما يجعل هذا المجلد قديمًا وغير مواكب.

وقد كانت أول مرة يكتب فيها كتاب حكومات الكونجرس في عام 1884م، ولذلك شعر بأن الكتاب أصبح قديمًا في عام 1900م لإدراكه بحتمية التغيير لتغير الأوقات، فقد سبق أن عبر عن رأيه في مقدمة الكتاب في عام 1900م بأن أمريكا كانت تدار من قبل الكونجرس، وليس مكتب الرئيس والذي يعتبره ويلسون ضعيفًا وغير فعال. وهذا الموقف يمكن عزوه للرؤساء خلال فترة حياة ويلسون. فالرئيس لنكولن اغتيل عندما كان ويلسون في التاسعة من عمره. والرؤساء الذين أعقبوا لنكولن كانوا هم أندرو جونسون، وجنرال جرانت، وهايز، روذر فورد، وأعقبه غارفيلد وجيستر أوثر. فقد اعتبر ويلسون بهؤلاء الرؤساء في ضعف قيادتهم لحكومة الكونجرس ذاكرًا ذلك في خاتمة كتابه في عـام 1884م.

والكتاب الذي أعقبه في عام 1908م كان عنوانه الحكومة الدستورية في الولايات المتحدة Constitutional Government in the United States, 1908. والفرق بين الكتابين هو دليل التغييرات في تفكير ويلسون. أي بمعنى أن ويلسون غيَّر رأيه بشأن سلطة الرئيس، وذلك على الأرجح بسبب إدارة كليفلاند. وأفضل كلمات تفسر هذا التطور في تفكير ويلسون عبر عنها والتر ليبمان في مقدمته في إعادة طباعة كتاب حكومة الكونجرس في عام 1956م. حيث نلاحظ أن الفرق الأساسي بين الكتاب الأول والثاني يكمن في مفهوم سلطة الرئيس. عندما قام ويلسون بكتابة حكومة الكونجرس، افترض أن الكونجرس من الضروري أن تكون فيه السلطة هي المسيطرة والمهمة في النظام الأمريكي، وأصبحت الرئاسة مكتبًا غير فعال. لكن في بداية القرن وبعد انتهاء الحرب مع أسبانيا ودخول أمريكا في السياسات العالمية، اتخذ رؤية معاكسة جوهرية، فقد أصبح الرئيس مرة أخرى – كما في الأيام المبكرة للجمهورية – في مواجهة الأحداث. ذلك لأن مركز السلطة انتقل من نهاية إحدى الجادات ببنسلفانيا إلى النهاية الأخرى، لهذا اعتقد ويلسون أن هذا الكتاب أصبح قديمًا.

وكان الكتاب كذلك – إذا حكمنا عليه كما يحكم عليه ويلسون – عبارة عن محاولة لوصف كيف أن النظام الدستوري الأمريكي يعمل بشكل واقعي، حيث يعمل النظام في بعض الأوقات كما وصفه في كتاب حكومة الكونجرس، وفي بعض الأوقات يعمل كما وصفه في كتاب الحكومة الدستورية في الولايات المتحدة.
ولدينا الآن رأي أحد الكتاب، وهو يعتبر رأيًا دقيقًا، لأهمية كتاب ويلسون الذي صدر عام 1884م. وهو بالفعل يعتبر ترجمة قيمة لحركة السلطة في واشنطون من الرئاسة إلى الكونجرس، وهي ظاهرة يمكن ملاحظتها مع تطبيق كل إدارة جديدة، وذلك كما حدث في انتقال السلطة من إدارة كارتر إلى ريغان.

ولا يمكن للمرء أن يدرس ويلسون، وودرو دون ذكر مقالته الشهيرة في عام 1887م “دراسة الإدارة” “The Study of Administration, 1887”. وفي الوقت الذي لقيت فيه أهمية متواضعة في عام 1887م فقد أصبح معروفًا كأول وثيقة تدل على ظهور الإدارة العامة كفرع من فروع الدراسة. وكانت تلك رغبة ويلسون في أن تكون الحكومة وإدارة الحكومة من أهم المهام. وفي تفسيره للعلوم السياسية أكد أن “علم الإدارة كان بمثابة الثمرة الأخيرة لتلك الدراسة”. وهكذا فإنه في السنوات الأخيرة عمل على تعزيز تأسيس الإدارة العامة كفرع دراسي.

وقد أعتبر ويلسون أيضًا مصلحًا في مجال الخدمة المدنية، ففي جداله ضد السياسات الحزبية، قام ويلسون بالدفاع عن الموظفين الحكوميين لكي يتم تعيينهم على أساس الملاءمة والجدارة. وهذا الجزم دعمه مفهوم ويلسون عن انقسام الإدارة/السياسة. ويشدد مفهوم انقسام الإدارة/السياسة على فصل واجبات إدارة الحكومة عن سياسات تطوير السياسة. وهذا الفصل يشجع مهنة الخدمة العامة، التي تقتضي ضمنًا أحد عوامل الإدارة العلمية، وتشجيع التناوب في الإدارة الحكومية الذي يعتبر وسيلة النظام الفاسد القديم في التحسين حسب الولاء السياسي.

كان تأثير ويلسون مهماً؛ فهو أول من أغرى أن يتم الاعتراف بفن وعلم وممارسة الإدارة العامة. كان نضاله مع سلطات الكونجرس والرئيس يعد إسهامًا مهمًا لفهم دورات الوظيفة الإدارية التي تؤثر على أمريكا. وإذا كان قد تم الاعتراف بفرانك جونسون غودناو بأنه أبٌ للإدارة الأمريكية، فيمكن أن نعترف بويلسون بأنه أبٌ للإدارة العامة. ولويلسون عدد من الدراسات منها: الحكومة الدستورية في الولايات المتحدة، القسمة وإعادة التوحيد، جورج واشنطون، وتاريخ الأمريكيين.

مسرد لأهم أعماله:

1- Wilson, Woodrow, Congressional Government, 1885, (Walter Lippmann, Introduction, Cleveland And New York: Meridian Books, The World Publishing Co., 1956).
2- Wilson, Woodrow, Congressional Government, Cleveland and New York: Meridian Books, The World Publishing Co., 1885.
3- Wilson, Woodrow, “The Study of Administration”, “Political Science Quarterly”, Vol., 11, No. 1, June 1887, In Shafritz Jay, Hyde Albert, and Parkes Sandra. Classics of Public Administration, Thomson Wads- Worth, Belmont, CA, 2004.

المراجع:

• Chandler, C. Ralph, and Plano C. Jack, The Public Administration Dictionary, John Wiley & Sons, NY, 1982.
• Classics of Public Administration, 5th edition, Thomson Wadsworth, Belmont CA, 2004.
• Fesler W. James, American Public Administration: Patterns of the Past, ASPA, W, D.C. 1982.
• McCurdy E. Howard, Public Administration: A Bibliographic Guide to the Literature, Marcel Dekker, INC, NY, 1986.
• ٍShafritz, M. Jay, Hyde C. Albert, and Parks J. Sandra, Rabin Jack, and Bowon James. Ed., Politics and Administration: Woodrow Wilson and American Public Administration. Marcel Dekker Inc, NY., 1980.

المصدر:

د. إبراهيم علي ملحم (2008)، علماء الإدارة وروادها في العالم: سير ذاتية وإسهامات علمية وعملية، (القاهرة: المنظمة العربية للتنمية الإدارية).

Share on facebook
Share on twitter
Share on linkedin
Share on whatsapp
Share on email

أحدث​ المقالات

الشلل الرقمي وتأثيره عالمياً

أصبحت التكنولوجيا الرقمية وما يرتبط بها من وسائل التواصل الاجتماعي والهواتف الذكية والمواقع الإلكترونية جزءاً هاماً من حياتنا اليومية ولا يمكن الاستغناء عنها، فجميعنا يتفقد

تفاصيل »

الذكاء الاصطناعي.. ثورة أم تهديد؟

يُعدُّ الذَّكاءُ الاصطناعيُّ، أداةً ثوريَّةً ستُحدِثُ تحوُّلًا هائلًا في كافَّةِ المجالاتِ، خاصَّةً الصناعةَ، فخلالِ السنواتِ القليلةِ المقبلةِ سيتغيَّرُ القطاعُ الصناعيُّ بشكلٍ جذريٍّ، وستحلُّ الربوتاتُ مكانَ

تفاصيل »