تفعيل المسؤولية الاجتماعية للشركات

طالب 83 من الأثرياء في العالم في رسالة رفعوها للحكومات بإجبارهم – ومن هم على شاكلتهم بدفع المزيد من الضرائب من أجل تمويل تعافي الاقتصاد العالمي من آثار أزمة فيروس كورونا. وحثوا الحكومات أن يقوموا بذلك فوراً، وأن تكون الضرائب عالية ودائمة، حيث أشاروا: أنه في ظل جائحة كورونا، فإنه يفترض منا كمليونيرة أن نلعب دوراً محورياً في إعادة إحياء عالمنا.

من جهته، فإن الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش أشار في الأسبوع الماضي، خلال المحاضرة التي ألقاها في ذكرى نيلسون مانديلا، إلى أن 26 شخصاً على هذه المعمورة يمتلكون أكثر من نصف الثروة الموجودة على كوكب الأرض، في الوقت الذي يعيش فيه أكثر من 70 % من سكان العالم في ظروف عدم المساواة المتزايدة. وحديث الأمين العام يعود بنا إلى المبادرة التي أطلقتها الأمم المتحدة في عام 2000 والتي هي عبارة عن مجموعة من المبادئ تخص المسؤولية البيئية والاجتماعية والأخلاقية التي يفترض أن يتضمنها نشاط الشركات.

  وأنا هنا لن أخوض في تلك المبادئ. فهي منشورة على موقع الأمم المتحدة، وهي تهتم بحقوق الإنسان ومعايير العمل والبيئة ومكافحة الفساد. وهذه المبادرة الأممية لقيت صدى في بلدنا عندما استحدثت الغرف التجارية هياكل إدارية تهتم بهذا الجانب- وفي الحقيقية، فإن اهتمام الغرف بهذا الموضوع قد جاء نتيجة حث الجهات الحكومية لها على الاضطلاع بدور معين في هذا المجال.

 ولهذا، فإذا كان تطبيق نداء الـ 83 ثرياً صعب التحقيق وهو بالفعل كذلك- خاصة وإن قطاع الأعمال في بلدنا لا تزال مراكزه المالية غير قوية وإن نشاطه يعتمد بشكل كبير على الدعم والتسهيلات التي يحصل عليها من القطاع الحكومي- حيث رأينا حزمة الدعم التي تلقاها خلال أزمة كورونا، والتي سوف يكون لها الأثر الكبير في الحفاظ على دور ومساهمة هذا القطاع في الاقتصاد-  أقول إذا كان نداء الـ 83 صعب التطبيق في بلدنا، فعلى الأقل العودة إلى مبادرة الأمم المتحدة وتفعيل المسؤولية الاجتماعية لقطاع الأعمال.

وأعتقد أن الغرف التجارية يفترض أن تتحمل في هذا الشأن مسؤولية كبيرة. خاصة وأن بلدنا يعيش مرحلة تحول اقتصادي في ظل ظروف اقتصادية خارجية غير مواتية- بعد أن أدت جائحة كورونا إلى انخفاض أسعار النفط الذي هو أهم مصدر للدخل. ففي هذا المجال يمكن أن تقدم الغرف التجارية تسهيلات معينة لتشجيع أصحاب الأعمال على الالتزام بالمسؤولية الاجتماعية. ويمكن التفاهم، بهذا الصدد، مع صناديق التمويل الحكومية المتخصصة، لربط التسهيلات الائتمانية الميسرة التي تقدمها للقطاع الخاص بمدى التزامهم بالمسؤولية الاجتماعية.

د. عبد الله الفرج

جريدة الرياض

Share on facebook
Share on twitter
Share on linkedin
Share on whatsapp
Share on email

أحدث​ المقالات

الشلل الرقمي وتأثيره عالمياً

أصبحت التكنولوجيا الرقمية وما يرتبط بها من وسائل التواصل الاجتماعي والهواتف الذكية والمواقع الإلكترونية جزءاً هاماً من حياتنا اليومية ولا يمكن الاستغناء عنها، فجميعنا يتفقد

تفاصيل »

الذكاء الاصطناعي.. ثورة أم تهديد؟

يُعدُّ الذَّكاءُ الاصطناعيُّ، أداةً ثوريَّةً ستُحدِثُ تحوُّلًا هائلًا في كافَّةِ المجالاتِ، خاصَّةً الصناعةَ، فخلالِ السنواتِ القليلةِ المقبلةِ سيتغيَّرُ القطاعُ الصناعيُّ بشكلٍ جذريٍّ، وستحلُّ الربوتاتُ مكانَ

تفاصيل »