الاستثمار في الحوكمة البيئية والاجتماعية

أصبحت الحوكمة البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات أكثر شيوعاً حتى قبل الأزمة الصحية العالمية القائمة حالياً، حيث اكتسبت بسرعة كبيرة الاتجاه السائد. وكشف بحث أجرته شركة مورننغ ستارفي فبراير 2020 أن المستثمرين ضخّوا رقماً قياسياً مجموعه 130 مليار دولار في خيارات الاستثمار المستدام عام 2019.

رغم النشاط الخافت نسبيًا في مارس في أسواق رأس المال، ففي أبريل، ومنذ بداية العام، وصل إصدار السندات الخضراء والسندات الاجتماعية والسندات المستدامة إلى 120.1 مليار دولار، مدفوعة بزيادة إصدارات سندات «كوفيد» الاجتماعية. وقد نتج عن مجموعة فرعية من السندات الاجتماعية.

تشير الأزمة الصحية العالمية إلى مدى أهمية إدارة الشركات للعمليات بطريقة مرنة، بالإضافة إلى إدارة مخاطر الحوكمة البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات، وامتلاك سلسلة إمداد متينة، بالإضافة إلى الاعتناء بالموظفين، وإنشاء تدابير الصحة والسلامة المناسبة. وفي الوقت الحالي، من الضروري جدًا أن تقدّم الشركات منتجات وخدمات مناسبة للمستقبل.

ويسعى بنك ستاندرد تشارترد إلى مساعدة العملاء والمجتمعات التي نعمل فيها على الازدهار عبر الخطوات الهامة التي نقوم بها. نفّذنا سلسلة من الإجراءات التي من شأنها الحد من تداعيات «كوفيد-19» على المستهلكين في الإمارات. كما تبرّعنا بأكثر من 500.000 درهم لثلاث مؤسسات خيرية محلية في الإمارات و 180.000 درهم للهلال الأحمر بهدف دعم المجتمعات الضعيفة خلال هذه الأزمة.

ويستخدم بعض المستثمرين معايير الحوكمة البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات لتضييق نطاق استثماراتهم واختيار أوراق مالية معينة، فيما يهدف البعض الآخر إلى الاستفادة من العائد المالي وإحداث التأثير في الوقت عينه، وذلك من خلال اختيار الاستثمارات في الشركات التي تفيد المجتمع. وتعدّ المشاركة من أبرز المواضيع المرتبطة بالحوكمة البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات، لا سيما من أجل جمع المعلومات وفهم أعمال المستثمر بشكل أفضل، وتحسين المعايير.

برزت تصنيفات الحوكمة البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات خلال السنوات القليلة الماضية كوسيلة أساسية لتقييم استدامة الشركات. حيث يطبّق المزيد من مديري الأصول بيانات الحوكمة البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات في تحليلهم الاستثماري. وفي غالبية الأمر، يقومون بذلك من خلال اعتبار هذه التصنيفات نقطة الانطلاق لفهم الصورة ككل بشكل أفضل.

ورغم أن تصنيفات الحوكمة البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات لا تزال غير منظّمة، إلا أنه بإمكان أي طرف خارجي محايد أن يطمئن المحلّلين، كونهم يتلقّون المعلومات التي يمكن مقارنتها بشكل مفيد مع الشركات الأخرى المصنّفة تحت نفس النظام. وتختلف المنهجيات بين وكالة تصنيف وأخرى.

ومن الواضح أن هناك تداخلاً بين الاستثمار في الحوكمة البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات والقانون الشرعي منذ عام 2007 في الإمارات، أول سوق رأسمال متوافق مع الشريعة الإسلامية في العالم. ومؤخرًا، حدّث سوق دبي المالي معايير الشريعة الإسلامية لديه استجابة لاهتمام المستثمرين المتزايد في شأن الاستدامة.

وشارك بنك ستاندرد تشارترد في نوفمبر 2019 في تنظيم طاولة مستديرة في سوق أبوظبي العالمي حول تحديات وفرص التمويل المستدام في الإمارات العربية المتحدة، لينتج من بعدها ورقة بيضاء بالشراكة مع «مصدر»، من أجل تقديم رؤيته حول أفضل الممارسات الحالية، والإرشادات حول كيفية معالجة العديد من التحديات الرئيسية التي تواجه المشاركين في السوق.

وأصبحت الحوكمة البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات أكثر شيوعًا نظرًا للطلب الكبير عليها من الناس، الذين يشترون العلامات التجارية، آخذين في عين الاعتبار كيفية مطابقتها للأسس البيئية وحقوق الإنسان. ومن المتوقّع أن تتسارع وتيرة هذه الحركة مع بروز القضايا الصحية والاجتماعية وسط أزمة «كوفيد-19».

محمد سلامة – رئيس الخدمات المصرفية العالمية

البيان

Share on facebook
Share on twitter
Share on linkedin
Share on whatsapp
Share on email

أحدث​ المقالات

الشلل الرقمي وتأثيره عالمياً

أصبحت التكنولوجيا الرقمية وما يرتبط بها من وسائل التواصل الاجتماعي والهواتف الذكية والمواقع الإلكترونية جزءاً هاماً من حياتنا اليومية ولا يمكن الاستغناء عنها، فجميعنا يتفقد

تفاصيل »

الذكاء الاصطناعي.. ثورة أم تهديد؟

يُعدُّ الذَّكاءُ الاصطناعيُّ، أداةً ثوريَّةً ستُحدِثُ تحوُّلًا هائلًا في كافَّةِ المجالاتِ، خاصَّةً الصناعةَ، فخلالِ السنواتِ القليلةِ المقبلةِ سيتغيَّرُ القطاعُ الصناعيُّ بشكلٍ جذريٍّ، وستحلُّ الربوتاتُ مكانَ

تفاصيل »