خيارات لنمو الشركات العائلية

تؤثر التغيرات المختلفة في بيئة الأعمال المحلية والإقليمية والعالمية، وذلك في النظرة الإستراتيجية للكثير من متخذي القرار في الشركات العائلية السعودية تجاه تحويلها إلى شركات مساهمة. بدأت بعض الشركات العائلية في المملكة تواجه مشاكل في النمو والربحية، خاصة بعد جائحة فيروس كورونا المستجد، لذلك لا بد للشركات العائلية من التوجه نحو الاندماج والاستحواذ لتشكيل تكتلات قوية تساعدها على المنافسة محليا وعالميا.

ويجدر بنا معرفة الدوافع وراء عدم رغبة بعض الشركات العائلية السعودية في الاندماج والتحول إلى شركات مساهمة تطرح أسهمها للتداول في سوق الأسهم السعودية، وذلك من خلال دراسة استنتاجية للأسباب. لا بد لمتخذي القرار في الشركات السعودية من إدراك أهمية الاندماج بين الشركات العائلية والإدراج في السوق المالية كخطة إستراتيجية لإنقاذها من تحديات المنافسة، خاصة في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة. زادت المخاطر والتحديات التي تواجهها الشركات العائلية في المملكة بعد انضمامها لمنظمة التجارة العالمية في نهاية عام 2005م.

انضمام المملكة لمنظمة التجارة العالمية مرتبط بالتخلص من العوائق التجارية بين الدول الأعضاء ومنها الدعم والحماية الحكومية للشركات السعودية بما فيها العائلية ما يجعلها تواجه مخاطر الانفتاح سواء في التمويل، المحافظة على حصصها في السوق المحلية، الخبرة، المعرفة التقنية، المعلوماتية، البحث والتطوير والإبداع والابتكار، ناهيك عن غياب التفكير الإستراتيجي الصحيح في غالبية الشركات العائلية السعودية.

لقد فتح انضمام المملكة لمنظمة التجارة العالمية آفاقا جديدة للشركات الأجنبية للدخول في السوق السعودية ومنافسة شركاتنا الصغيرة والمتوسطة والكبيرة في مختلف أسواق السلع والخدمات، بل أصبح الكثير من هذه الشركات العملاقة قادرا على طرح منتجات جديدة متطورة منافسة لما تنتجه شركاتنا السعودية سواء العائلية أو المساهمة منها ما يجعل منتجات الأخيرة في خطر يهددها بالإفلاس. ويجب أن ننظر للانضمام لمنظمة التجارة العالمية بمنظار تفاؤلي على أنه سيحقق لشركاتنا الفرصة للمنافسة في المدى البعيد إذا طورت أسباب الميزة التنافسية. نظرتنا للسلبيات الناتجة عن انضمام المملكة للمنظمة لن تفيدنا في تطوير شركاتنا وإعدادها للمنافسة، أي أنه سيصبح عاملا محبطا للنظرة الإستراتيجية الصحيحة، فلنكن متفائلين ومتقبلين للمنافسة، وملتزمين بالتغيير والتطوير المثمر.

ومن الضروري أن تكون سياسة التحول إلى شركات مساهمة مبنية على قناعة وثقافة قوية للشركات العائلية، وليس بديلا لمواجهة المنافسة العالمية لأن دوافع المنافسة ستموت بعد الحصول على التمويل من خلال الاكتتاب. بمعنى أوضح يجب أن يكون للاكتتاب قيمة مضافة تساعد هذه الشركات على تكوين قوة تنافسية متميزة أمام منافسيها الأجانب. فإذا توفر المال ولم تتغير الإفكار إستراتيجيا فيما يخص البحث والتطوير واستخدام التكنولوجيا المتقدمة لتطوير إنتاج المنتجات فإنه لن يكون للتحول معنى حقيقي لأن الشركات الأجنبية العملاقة قوية ماليا وتكنولوجيا ما يجعلها متميزة وقادرة على البحث والتطوير. إن تحقيق الميزات التنافسية في الشركات العائلية يتطلب الكثير من التحولات في الإدارة والفكر الإستراتيجي والأولويات والاستثمار في البحث والتطوير والعمل على تطوير القيمة المضافة التي تجذب الزبون لشراء المنتجات والخدمات.

والمأمول أن يساهم التحول إلى شركات مساهمة في ضخ أموال جديدة إلى سوق الأسهم السعودية وتطوير الاقتصاد السعودي على مستوى المستثمرين الصغار والكبار. سيستفيد صغار المستثمرين من الاكتتاب في الأسهم المطروحة وسينمو المؤشر ليعكس إن شاء الله قوة اقتصادنا الوطني. ستزيد قوة الشركات العائلية المالية بعد طرحها للاكتتاب، بحيث تستطيع تطوير نفسها في نقاط الضعف الإستراتيجية لتصبح قادرة على منافسة الشركات الأجنبية العملاقة.

د. عبد الوهاب القحطاني

جريدة اليوم

Share on facebook
Share on twitter
Share on linkedin
Share on whatsapp
Share on email

أحدث​ المقالات

الشلل الرقمي وتأثيره عالمياً

أصبحت التكنولوجيا الرقمية وما يرتبط بها من وسائل التواصل الاجتماعي والهواتف الذكية والمواقع الإلكترونية جزءاً هاماً من حياتنا اليومية ولا يمكن الاستغناء عنها، فجميعنا يتفقد

تفاصيل »

الذكاء الاصطناعي.. ثورة أم تهديد؟

يُعدُّ الذَّكاءُ الاصطناعيُّ، أداةً ثوريَّةً ستُحدِثُ تحوُّلًا هائلًا في كافَّةِ المجالاتِ، خاصَّةً الصناعةَ، فخلالِ السنواتِ القليلةِ المقبلةِ سيتغيَّرُ القطاعُ الصناعيُّ بشكلٍ جذريٍّ، وستحلُّ الربوتاتُ مكانَ

تفاصيل »