التجارة المستترة .. دمار مستمر!

إن هذا الأمر قد حان تنظيمه ومتابعته بشكل مستمر وتطبيق العقوبات على من يتجاوزه؛ لأنه من غير المعقول أن يأتي العامل إلى السلطنة للعمل بمهنة بسيطة، وبعد فترة معينة نجده يدير مؤسسة وتحويلاته الشهرية لا تتناسب مع مهنته الأصلية..
نبدأ بسطور متجددة تنزف ألما حول التجارة المستترة التي تنخر في أرجاء البلاد منذ أعوام عديدة على هيئة تاجر حقيقي، تاركة خلفها آثارا شاحبة، ودمارا اقتصاديا كبيرا، وخرابا على التاجر العماني الجاد، ومنافسة غير عادلة معه أو مع المستثمر الأجنبي الفعلي المرخص له حسب اشتراطات الجهات المختصة.
يجب أن نقف وقفة جادة من جديد حول هذا الموضوع رغم تكراره بشكل مستمر، ونحزن على حال الكثيرين الذين يقدمون الدعم لمن يقوم بهذه التجارة المستترة ـ للأسف ـ بأن سلموا تجارتهم للوافد معللين ذلك من أجل الراحة النفسية، والحصول على فائدة أو نسبة معينة دون تعب نهاية الشهر أو السنة!!
ولكنهم تناسوا الضرر الكبير الذي قد يلحق بهم أو بغيرهم من التجار المخلصين الذين يعملون ليل نهار من أجل تنمية الوطن، وكذلك آثارها السلبية على الاقتصاد الوطني المبني على أسس وقوانين تنظم التجارة في السلطنة.
إن هذا الأمر قد حان تنظيمه ومتابعته بشكل مستمر وتطبيق العقوبات على من يتجاوزه؛ لأنه من غير المعقول أن يأتي العامل إلى السلطنة للعمل بمهنة بسيطة، وبعد فترة معينة نجده يدير مؤسسة وتحويلاته الشهرية لا تتناسب مع مهنته الأصلية، وإلحاقه الضرر بشكل مباشر بالتاجر العماني عندما يريد أن يدخل في مجال معين، رغم تشجيع الشباب من قبل الحكومة على الانخراط في مجال ريادة الأعمال، فيتفاجأ بأن السوق مستحوذ عليها فئة معينة من الأيدي العاملة الوافدة المستترة، بالإضافة إلى ضرره بالتاجر العماني الذي يعمل في هذا المجال؛ لأنه قد نجده بعد فترة معينة معلنا عن إفلاسه بسبب عدم المقدرة على المقاومة الشرسة التي يعانيها، والانسحاب من ممارسة عمله التجاري، كل هذا الأمر يعود لمن دعم الأيدي العاملة الوافدة المستترة!!
إن صدور قانون الاستثمار الأجنبي نظم العملية بشكل أفضل، وشجع على الاستثمار من حيث تحديد مزاولة الأنشطة التجارية للمستثمر الأجنبي التي تعود بالنفع على اقتصاد البلاد، ولكن لا يزال البعض يتهرب من الدخول كمستثمر حسب اللوائح والاشتراطات التي نظمتها الجهات المختصة تجنبا لدفع الضرائب، وفضَّل أن تكون تجارته مستترة، وهناك أنشطة لا ينطبق عليها شروط الاستثمار الأجنبي.
وهنا أصبح من الضروري صدور قانون التجارة المستترة وبشكل عاجل من أجل الحد من هذه التجاوزات التي تضر باقتصاد البلاد، لأنه مما لا شك فيه أن ذلك سيوجد فرصا استثمارية جديدة للمواطن العماني، وسيعزز من روح المنافسة بين التجار الحقيقيين أو حتى من دخول رواد أعمال جدد عندما يجدون آلية منظمة تردع التجاوزات غير المقبولة من خلال ممارسة الأجنبي للتجارة المستترة.
إن المساهمة في الحد من هذه الظاهرة تحتاج كذلك إلى رقابة ذاتية للفرد نفسه في الخوف على مصلحة البلاد، والمحافظة على اقتصادها الشامخ.
وعادة ما تتمركز التجارة المستترة حول بعض الأنشطة مثل: قطاع الإنشاءات وصالونات الحلاقة وبيع أدوات البناء والمقاهي والمطاعم وأنشطة كثيرة غيرها، ونجد أن هناك من يقلل من قيمة الأنشطة المذكورة، وفي الحقيقة بأنهم لا يدركون أو يتجاهلون العوائد الكبيرة التي تشكل فارقا ماديا كبيرا للتاجر الحقيقي الذي يكون ابن البلد أولى بها. وقد أكد مولانا باني نهضة عمان الحديثة جلالة السلطان قابوس بن سعيد ـ طيب الله ثراه ـ أنه «يجب أن نبتعد عن التجارة المستترة لأنها ليست في صالح أبنائنا وبناتنا، ويجب أن نعي هذا الشأن ونعطيه كل اهتمام لأن فيه خسارة لهذه البلد» رحمة الله تغشاك يا رمز الحكمة. وبمزيد من العمل من قبل الجميع نأمل أن تنتهي هذه التجارة المستترة.

أحمد بن سالمين الكمشكي – رائد أعمال ـ متخصص قانوني

الوطن – 18 يوليو 2020

Share on facebook
Share on twitter
Share on linkedin
Share on whatsapp
Share on email

أحدث​ المقالات

الشلل الرقمي وتأثيره عالمياً

أصبحت التكنولوجيا الرقمية وما يرتبط بها من وسائل التواصل الاجتماعي والهواتف الذكية والمواقع الإلكترونية جزءاً هاماً من حياتنا اليومية ولا يمكن الاستغناء عنها، فجميعنا يتفقد

تفاصيل »

الذكاء الاصطناعي.. ثورة أم تهديد؟

يُعدُّ الذَّكاءُ الاصطناعيُّ، أداةً ثوريَّةً ستُحدِثُ تحوُّلًا هائلًا في كافَّةِ المجالاتِ، خاصَّةً الصناعةَ، فخلالِ السنواتِ القليلةِ المقبلةِ سيتغيَّرُ القطاعُ الصناعيُّ بشكلٍ جذريٍّ، وستحلُّ الربوتاتُ مكانَ

تفاصيل »