بين القائد والمدير الأنا والعدو الذليل

أحدهم تزعجه الأصوات البشرية عبر الهاتف، «وقعقعة» الأشياء من حوله.. هكذا هو أحد المدراء «تديره انفعالاته» في أدنى المواقف، فيعلو نعيق صوته «على صوت الضمير والعقل» لديه، فيفقد القدرة والسيطرة على إدارة «الأزمات الفعلية»، إذ تجده يختلق «الأزمات الانفعالية» للتعتيم على الخلل أو القصور وربما خشية من عدم استدراكه لمراد ما، فيعجز عن حسن الإدارة لمعالجة الأزمات بأسلوب علمي محض منتهجا للسلوك غير السوي في الإدارة (بالأزمة المفتعلة) ضاربا بالأولويات عرض الحائط لا يأبه سوى لعاطفته، فتتوقد نيران غضبه في مشهد «ميلودرامي» يزخر بالانفعالات لكونه «المدير والأنا والأنا العليا» فتشخص الأحداث ويحتدم الصراع في نبرة محتدة بين (قلتم وقلنا)، (ودعني أتحدث) وتستمر الوتيرة في «شد وجذب» ومقاطعة ممزوجة «بقلة الذوق»، ومحاكمةٌ تنم عن سوء التصرف، فتشتد المسألة من غير وصول نائية للفشل الذريع عن إحكام «الصعاب في بطون الأزمات»، فيلقي لوما بالمسؤولية على عاتق الآخرين أيا كانوا، مستعينا «بكبش الفداء» متقمصا وضعية «المجني عليه»، فتتراكم العيوب وتنسى المزايا الهادفة «لإدارة الأزمات» إلى الانخراط في ملامح الفوضى العارمة «لمفتعل الأزمة» والتي تجاوزت انتباهه بقدر ما جهل نتيجة عجالة أحكامه أو اندفاعية قراراته فلا هو يسمع نصحا ولا يتقبل شورا، حينها تفوز (الأنا) لكسب المواقف بدلا من كسب القلوب).

• العدو الذليل

من المحزن أن ترى فئة قمعية وخُصوما من ضعاف العقول ممن غلبت عليهم الغفلة من الجبناء والأهفاء، يقومون بتأجيج المعارك تحت «شعار انتقد»، وشيئا فشيئا تُشن الحملات المخصصة لتشويه السمعة على «القادة الناجحين والسواعد الفاضلة» بهدف تحطيم أعصابهم، وإحباط الطموح والهمة لديهم إما لترجيح كفة الشخص غير المناسب، وإما سعيا لزعزعة مكانة الشخص المناسب، فيواجهون هؤلاء بعصا من الحكمة فيلتم الأتباع فيحول الله بينهم وبينهم، فتُزل أقدامهم بقدر ما صنعوا فيسألوا شفاعة (ناصرٍ أو معين) فيجعل الله من حُوربوا يدا عُليا لتنقذ «خصومهم» من وحل ما اكتسبت أيديهم، «فالعدو الذليل» أهلٌ أن يُرحم، والقائد العظيم لا يخاطر بنفسه في الانتقام من عدوه فهو يترك للصلح موضعا أو يظفر بحكم القضاء، نعم القادة هم أبطال الكواليس ورجال المهمات الصعبة والمواقف الإنسانية أينما «وجدوا».

• الفشل هو الشرارة التي تولد الدروس والعبر، والفشل المميز يصنع الناجح المميز، والنقد غير العادي يصنع القادة الحقيقيين، والعيوب تبرز الجودة، ومعادن «الرجال الأشداء» تتبين في وضح الأزمات، اليوم تتوالى أمامنا المشاهد البطولية «بمعرفات أهلها» فهم القادة الموجهون في كل مرحلة بالغة الصعوبة، فالقادة المميزون متى ما تسلموا زمام المهام «تلمّسوا» «مواطن الألم» متبصرين في الأمور مستقصين لها، وهذا يمنحهم القدرة على التصرف بطريقة مثلى، وهم أيضا المخولون «لإحكام مقاليد قبضتهم» في الشدائد والصعائب، فهم الثقة والثبات وهم «صُنّاع القادة» وليس ذلك فحسب؛ إن القادة الناجحين لا تتوقف بهم المعرفة، بل يتعلمون من تجارب الآخرين فتجدهم يغترفون من كل «علم» غرفة لأن «التعليم» هو صاحب الأثر الأكبر في تشكيل صفات «القادة الحقيقيين»، ورغم ذلك لا ينفردون برأيهم في الأمور التي تحتاج إلى أكثر من رأي بل يشاورون وينصتون وهم آخر من يتحدثون.

ويجب أن نعلم أن الأزمة وسيلة لتحقيق الأهداف، وأن القادة يحدثون الفارق في صناعة الحلول لإدارة الأزمات المتفاقمة لقهر القوى الصانعة للأزمة، وأن «التدخل الإنساني ميثاق غليظ وديدن القادة الصالحين» على مر العصور لا سيما في تلك المواقف الحرجة التي ترتبط بالإنسان مباشرة، فالتدخل الإنساني سمة منفردة في شمائلها الأخلاق والمبادئ وثيابها القدوة الحسنة «فدائما ما نشهد خلف الكواليس» دورا «للأبطال المتخفين» وإقدامهم على اقتحام المخاطر بحسم وجسارة مما يوّلد ذلك الأثر الملموس في حسن المعالجة لإدارة الأزمات وإنهاء المعاناة دون خسائر إن أمكن فيما يجسد ذلك أنموذجا سلوكيا «مهنيا إنسانيا» يثلج له الصدر وترفع له القبعة.

فلوة الزهراني

جريدة اليوم – 1 يوليو 2020

Share on facebook
Share on twitter
Share on linkedin
Share on whatsapp
Share on email

أحدث​ المقالات

الشلل الرقمي وتأثيره عالمياً

أصبحت التكنولوجيا الرقمية وما يرتبط بها من وسائل التواصل الاجتماعي والهواتف الذكية والمواقع الإلكترونية جزءاً هاماً من حياتنا اليومية ولا يمكن الاستغناء عنها، فجميعنا يتفقد

تفاصيل »

الذكاء الاصطناعي.. ثورة أم تهديد؟

يُعدُّ الذَّكاءُ الاصطناعيُّ، أداةً ثوريَّةً ستُحدِثُ تحوُّلًا هائلًا في كافَّةِ المجالاتِ، خاصَّةً الصناعةَ، فخلالِ السنواتِ القليلةِ المقبلةِ سيتغيَّرُ القطاعُ الصناعيُّ بشكلٍ جذريٍّ، وستحلُّ الربوتاتُ مكانَ

تفاصيل »