تنادى علماء ومفكرو الإدارة والتنظيم والرقابة في العقد الأخير إلى ضرورة وضع أطر هيكلية فعالة لتنظيم خطوط المسؤولية والمساءلة، وتوضح حدود الصلاحيات وتعزز منظومة النزاهة والشفافية في المؤسسات، حيث أضحت منظومة الحوكمة المؤسسية كحجر أساس وجزء رئيس في هياكل المنظمات.
ويمكن اعتبار وجود فصل في المهام والمسؤوليات ما بين مجالس إدارة المنظمات والإدارات التنفيذية وتوضيح أدوار كل منهم ووجود لجان من غير التنفيذيين تقوم بدراسة وتحليل التقارير الخاصة بالمراجعة والرقابة الداخلية وإدارة مخاطر المنظمات المالية والتشغيلية ووضع الأطر والسياسات العامة في المنظمات وتقوم أيضًا بتعيين مسؤولي الرقابة الداخلية والمخاطر وتحدد رواتبهم كمنظومة للحوكمة المؤسسية.
ولا يقتصر وجود الحوكمة المؤسسية على المستوى الاستراتيجي والقيادي للمنظمات فقط بل ينسحب ذلك أيضًا على المستويات والأطر التشغيلية والتنفيذية من حيث وضع تعليمات تنفيذية تحدد وتوضح المهام الوظيفية لكل وحدة تنظيمية في المنظمة كما يتوجب وجود بطاقات وصف وظيفي للعاملين في المنظمات تلافيًا لازدواج الأدوار والمهام الموكلة إليهم فضلًا عن وجود تعليمات التحكم في العمليات الإجرائية والمالية وإجراءات الموافقات والتفويض.
ولا بد لمنظماتنا العربية التي ما زالت تعتمد على الأنماط التقليدية في هياكلها التنظيمية ولا تعير انتباهًا لأهمية وجود حزمة من إجراءات الحوكمة المؤسسية في عملياتها أن تلحق بالركب وتواكب الجديد، وذلك لإضفاء المزيد من الشفافية والنزاهة على إجراءاتها تجنبا لخروجها من سوق المنافسة أو انخفاض نسبة رضا المتعاملين معها نتيجة تردي خدماتها.
وكنتيجة لوجود منظومة متكاملة للحوكمة المؤسسية في منظماتنا العربية تغطي جميع المستويات والإجراءات التنظيمية يؤمل أن ينعكس وجودها على قيام المنظمات بأدوارها الرئيسية المناطة بها بشكل فعال وكفء وبما يسهم في استدامتها وتحقيق رضاء المتعاملين معها من حيث انخفاض نسب وحالات الغش والتلاعب والرشاوي والسلوك الاداري اللاأخلاقي، وترتفع معدلات رضا العاملين وانتاجيتهم بما يسهم في زيادة إيرادات المنظمات وتحقيق أهدافها الاستراتيجية والتشغيلية على المستوى الإقليمي والدولي.
د. صهيب مصطفى القضاة
خبير رأس مال بشري وتطوير مؤسسي
