أزمة منتصف العمر الوظيفي

قد يمكننا التظاهر وتجاهل عدم وجود أزمة منتصف العمر الوظيفي ولكن هي حتما نتيجة طبيعية لتراكم سنوات الخدمة للعاملين في المنظمات، فمرور العاملين بمنتصف السلم الوظيفي خلال مراحل دورة الحياة الوظيفية متطلب اجباري لا بدّ لهم من المرور والتوقف به ولو لحين بل وقد تستمر الى نهاية العمر الوظيفي والتقاعد.

فمن البديهي أن تكون الشواغر الوظيفية في الوظائف القياديه في المنظمات اقل كلما اتجهنا صعودا نحو قمة الهرم التنظيمي والوظيفي وبالتالي تصبح حالة التقدم الوظيفي من الوظائف الإشرافية الوسطى باتجاه مجموعة الوظائف القيادية اقل بل وقد تتحول الى حالة من الحراك البطيء أو السكون.

ولا بد للمنظمات واداراتها الواعية التنبه إلى هذه الحاله الظاهرة والتي قد تهدد مخزونها الاستراتيجي من الكفاءات العلمية والعمليه والتي تعد بمثابة الرافعه الرئيسيه التي تستند عليها الإدارات في تحقيق أهدافها الاستراتيجية والتشغيلية وتمثل حلقة الوصل ما بين الإدارات العليا في المنظمات وبين المستويات التنفيذيه في المنظمات.

اذ لا بدّ أن تقوم الإدارات في المنظمات بوضع خطط لتحفيز تلك الفئة الإدارية و العمل على الاحتفاظ بها من خلال العمل على وضع مسارات ادارية ذات مزايا مادية و معنوية قد تكون موازيه للمسارات الوظيفية المطبقه فيها وبما يسهم في رفع المستوى المادي والمعنوي للوظائف الإدارية الإشرافية الوسطى. وكذلك يتوجب عليها العمل على وضع وتفعيل خطط الاحلال الوظيفي التعاقبي و بما يسهم في الإبقاء على الكفاءات في الوحدات التنظيمية و تجهيزها لمسؤوليات المستوى التالي لوظائفهم من خلال اتباع أساليب تفويض الصلاحيات والتكليف بمهام أعلى من مهام وظائفهم الحاليه واغناء تجاربهم واطلاعهم على سياسات واجراءات عمل اضافية فضلا عن بناء قدراتهم واكسابهم المعارف والمهارات و السلوك المرغوب بالتدريب الموجه والمستند للاحتياجات الفعلية.

ولا نغفل الدور الهام الذي يلعبه التخطيط والتنبؤ بالاحتياجات من رأس المال البشري وتخطيط المىسارات الوظيفية من خلال استحداث المراكز الوظيفية الشاغرة و اللازمة لتسهيل التطور الوظيفي و وضع تعليمات واضحة للترقي في الوظائف الشاغرة وتقسيم سلم الدرجات الوظيفية وعدد السنوات اللازمة لشغل كل وظيفه وبما يتيح الإبقاء على حالة من الحراك الوظيفي وتجنب السكون الوظيفي فضلا عن اشتراط  البقاء لعدد معين من السنوات في الوظيفة الواحدة قبل الترقي للوظيفة التي تليها وبالتالي السيطرة على ظاهرة الاختناق الوظيفي.

وفي نهاية المطاف لا بد لمنظماتنا أن تواكب متطلبات العصر و تسعى جاهدة للاحتفاظ بالمواهب التي تمتلكها والتي قامت بالاستثمار فيها بالتدريب و التمكين المستمر وبالتالي تحقيق أهدافها التشغيلية والإستراتيجية والمحافظة على ديمومتها.

د. صهيب مصطفى القضاة

خبير رأس مال بشري وتطوير مؤسسي


Share on facebook
Share on twitter
Share on linkedin
Share on whatsapp
Share on email

أحدث​ المقالات

الشلل الرقمي وتأثيره عالمياً

أصبحت التكنولوجيا الرقمية وما يرتبط بها من وسائل التواصل الاجتماعي والهواتف الذكية والمواقع الإلكترونية جزءاً هاماً من حياتنا اليومية ولا يمكن الاستغناء عنها، فجميعنا يتفقد

تفاصيل »

الذكاء الاصطناعي.. ثورة أم تهديد؟

يُعدُّ الذَّكاءُ الاصطناعيُّ، أداةً ثوريَّةً ستُحدِثُ تحوُّلًا هائلًا في كافَّةِ المجالاتِ، خاصَّةً الصناعةَ، فخلالِ السنواتِ القليلةِ المقبلةِ سيتغيَّرُ القطاعُ الصناعيُّ بشكلٍ جذريٍّ، وستحلُّ الربوتاتُ مكانَ

تفاصيل »