تصـوّر مقترح لتطويـر الإدارة التربويّـة المـركزيّـة في الجمهوريّـة العربيّـة السـّوريـة وفق مدخـل إدارة التَّغْيير

الملخص:

تعدّ المؤسسات التربويّة والتعليمية حجر الأساس والمنظومة الأهم في تكوين الفكر البشري، لِما لها من تأثيرٍ مباشرٍ على مناحي الحياة كافةً، فعملية بناء الإنسان تبدأ بالتربية، كونها الاستثمار الأمثل الذي يؤدي إلى تطور الأمم ورقيها وكل خلل أو نكسة تتعرض لها الأمم؛ له جذوره في عمق العملية التربوية، ولقد تجلى هذا الخلل في تجارب دول عدة في العالم، فقد قامت الولايات المتحدة الأمريكية في تغيير نظامها التعليمي أكثر من مرة، فأعادت تطوير مناهجها التعليمية وتعديل أساليب التدريس لديها، وخاصة بعد أن هوجمت من قبل اليابان ومن بعدها صدور تقرير” أمة في خطر” عام (1983م)، الذي انتقد نظام التعليم الأمريكي وحدد مكامن الخلل فيه، عبر إجراء مراجعة شاملة لنظامها التعليمي وتطعيمه بأنظمة الإدارة الحديثة التي تستطيع من خلاله مواكبة كل جديد وترميم ما تهدم، فعملية تطوير الأنظمة الإدارية في مثل هذه الظروف تتطلب من المسؤولين البحث عن السبل الكفيلة لإحداث تغييرات فعلية في بنية العمليات الإدارية، لدعم عملية اتخاذ القرار، ولإكساب المؤسسة المرونة اللازمة لتحقيق أهدافها (الدجني، 2013، 319)، فالتَّغيير أمر حتمي لا مفرّ منه وإدارة التّغيير ضرورة تتجلى أهميتها بوضع خطة شاملة هدفها إحداث تغييرات للوضع الراهن، عبر بناء ثقافة شاملة للمؤسسة تدعم عملية التّغيير فيها، فهي: “إدارة الجهد المخطط والمنظم للوصول إلى تحقيق الأهداف المنشودة من خلال التوظيف العلمي السليم للموارد البشرية والمادية والفنية والتقنية المتاحة” (عماد الدين، 2003، 18)، والمؤسسات التربويّة والتعليمية من أكثر المؤسسات التي يجب أن تواكب التّغيير كونها المدخل الرئيس إلى التنمية المجتمعية الشاملة، وهي تتعامل مع الإنسان بشكل مباشر، وذلك يتطلب منها خصوصية في تطبيق المفاهيم الإدارية والاقتصادية البحتة التي يغلب عليها مصطلحات ومفاهيم السلعة والعرض والطلب، ويتطلب منها أيضاً مواكبة النظريات الإدارية الحديثة واختيار الأنسب من تلك النظريات وتطبيقها بما يتناسب مع وضع كل مؤسسة، وبما ينسجم مع أهداف التّغيير فيها، والدراسة الحالية تبحث في إمكانية تطوير العمل التربوي عن طريق وضع تصوّر مقترح لتطوير الإدارة التربويّة المركزيّة في الجمهوريّة العربيّة السورية، وفق مدخل إدارة التَّغيير، لمحاولة النهوض بالعمل الإداري والوصول به إلى أهدافه المرجوة، فالقطاع التربوي في سورية بحاجة ماسة إلى إعادة النظر في هياكله التنظيمية والإدارية والتخلص من الطرق الإدارية التقليدية، فقد أشارت منصور (2010) إلى أن ممارسة إدارة التّغيير في المدارس لم يعد خياراً بل ضرورة ملحّة في إطار مواكبة العملية التعليمية في سورية للتطورات الحاصلة في العالم، كما أكدت على عدة معايير يجب توافرها في ممارسات المديرين في مدارس التعليم الأساسي في مدينة دمشق كالمناخ التنظيمي الداعم للتغيير وتبني مداخل علمية في تعبئة الأفراد وتيسير عمليات التغيير… وغيرها.

آصف فارس أبولطيف

جامعة دمشق – 2018

Share on facebook
Share on twitter
Share on linkedin
Share on whatsapp
Share on email

أحدث​ المقالات

الشلل الرقمي وتأثيره عالمياً

أصبحت التكنولوجيا الرقمية وما يرتبط بها من وسائل التواصل الاجتماعي والهواتف الذكية والمواقع الإلكترونية جزءاً هاماً من حياتنا اليومية ولا يمكن الاستغناء عنها، فجميعنا يتفقد

تفاصيل »

الذكاء الاصطناعي.. ثورة أم تهديد؟

يُعدُّ الذَّكاءُ الاصطناعيُّ، أداةً ثوريَّةً ستُحدِثُ تحوُّلًا هائلًا في كافَّةِ المجالاتِ، خاصَّةً الصناعةَ، فخلالِ السنواتِ القليلةِ المقبلةِ سيتغيَّرُ القطاعُ الصناعيُّ بشكلٍ جذريٍّ، وستحلُّ الربوتاتُ مكانَ

تفاصيل »