هل سنُوظّف المُسَرّحين من شركات النفط العالمية؟

يشهد قطاع الطاقة العالمي وخاصة بالغرب موجة كبيرة من تسريح اعداد كبيرة من الوظائف، وذلك مع تأثير جائحة كورونا على الطلب واستهلاك النفط، مما انعكس سلباً على ارباح شركات النفط العالمية، والتي رأينا تدّني كبير في قوائمها المالية في الربع الأول من هذا العام.

فقد أعلنت شركة بي بي BP العملاقة عن إعادة تنظيم هيكل الشركة، وتسريح عشرة آلاف وظيفة، وهو مايوازي نحو %14 من مُجمل القوى العاملة فيها، غالبية من طُويَ قيدهم هم من الإداريين بما فيهم بعض من يشغلون مناصب عُليا في الشركة.

كما أن هناك ما لا يقل عن ثلاثون الف وظيفة مهدّدة في قطاع النفط والغاز في منطقة بحر الشمال. ونفس جائحة الغاء الوظائف تطول القارة الأمريكية الشمالية، فمنطقة هيوستن وحدها مهدّدة أن تفقد ما لا يقل عن 300 الف وظيفة في قطاع النفط والغاز، وهي حالة – لو حصلت – ستكون أسوأ مما كان عليه الوضع أثناء فترة الركود الاقتصادي عام 2008. وليس مُستبعد أن نرى فقدان أكثر من مليون وظيفة في حال عدم تسارع تعافي أسواق النفط.

في هذا الخضم وقلق الكثير بسبب فقدان الأمان الوظيفي، تظل مسألة مهمة لابد لنا من التنبّه لها، وهي أن كثير ممن فقدوا وظائفهم في أوروبا وأمريكا الشمالية سوف يتطلعون لفرص الالتحاق بشركات النفط في منطقة الخليج العربي وخاصة ارامكو السعودية التي تُقدّم الأمان الوظيفي لمنسوبيها وتحت جميع الظروف.

والسؤال الذي يهمنا هنا، هل سيجد هؤلاء وظائف في شركات النفط وقطاع الطاقة لدينا؟

كإجابة أولية على هذا السؤال، في الغالب من المُستبعد جداً أن تكون شركات النفط بمنطقة الخليج العربي وخاصة بالمملكة على استعداد لتقديم الفرص لهؤلاء المُسرّحين من وظائفهم في أوروبا والولايات المتحدة، فالظروف الاقتصادية بسبب الجائحة تتطلب تخفيض التكاليف وليس رفعها.

كما أننا نتذكر جميعاً أنه في عام 2015، تم تسريح الكثير من الوظائف من صناعة النفط والغاز الصخري الأمريكي بعد تدنّي الأسعار، نجح عدد كبير من هؤلاء المُسرّحين في الحصول على فرص عمل في الخليج العربي، بغرض الأمان الوظيفي ومن ثم التقاعد المريح، ولم تكن لهم مشاركة حقيقية وملموسة في نقل تقنيات جديدة أو أساليب عمل جديدة، مقابل كونهم عالة على شركات النفط الخليجية بسبب تكاليفهم الباهظة والتي ربما تدفع هذه الشركات ثمنها الان في ظل الجائحة، مما سيضطر كثير من هذه الشركات بطي قيدهم وتسريحهم هذه الأيام، فهم العبء الأكبر على ميزانيات شركات النفط، وقد بدأت شركة نفط البحرين بالفعل في تسريح عدد من موظفيها الأجانب قبل عدة أيام، وربما يلحقها اخرين في المنطقة.

أما بالنسبة للمملكة، نجد أن أرامكو السعودية على سبيل المثال – هي الأكثر امان في مسألة الوظائف خاصة في الازمات، تاريخها الطويل وتراكم تجربتها وخبراتها جعلت منها نموذجاً يُحتذى به وعلى كافة المستويات وخاصة التشغيلية. لذلك، فمسألة أن تستقطب شركة أرامكو السعودية أياً من هذه العمالة المسرّحة من شركات النفط العالمية مستبعد جداً من وجهة نظري الشخصية. خاصة بعد ادراجها في سوق الأوراق المالية، ولم تعد ميزانياتها التشغيلية غائبة عن الشفافية والتدقيق والمراجعة والمسائلة العامة والمحاسبة.

أرامكو السعودية اليوم تعتبر نموذج يحتذى به Benchmark لشركات النفط العالمية، والتي لن تكون عمالتها المسرّحة اكثر كفاءة من كوادرنا الوطنية المدربة داخلها، ولديها آلية تقييم توظيف خبراء أجانب صارم، ويمكن لهذه الشركات – سواء في الخليج أو عالميا – أن تتعلم من أرامكو السعودية كيف تؤمّن وظائف منسوبيها وتحت أي ظرف.

أرامكو السعودية يشهد لها الجميع بأنها تعتبر الأكثر أماناً في التوظيف وأيضا الاستثمار في أسهمها بشهادة العالم ونتائج الربع الاول دليل على ذلك. ارامكو الأعلى موثوقية حتى مع الأزمات والهجمات تضمن إمدادات موثوقة، كما أنها تواكب إستراتيجيات الرؤية تحت قيادة وزير محترف لمنظومة الطاقة السعودية.

فيصل الفايق – مستشار في شُؤون الطاقة وتسويق النفط

جريدة كل الوطن – 15 يونيو 2020


Share on facebook
Share on twitter
Share on linkedin
Share on whatsapp
Share on email

أحدث​ المقالات

الشلل الرقمي وتأثيره عالمياً

أصبحت التكنولوجيا الرقمية وما يرتبط بها من وسائل التواصل الاجتماعي والهواتف الذكية والمواقع الإلكترونية جزءاً هاماً من حياتنا اليومية ولا يمكن الاستغناء عنها، فجميعنا يتفقد

تفاصيل »

الذكاء الاصطناعي.. ثورة أم تهديد؟

يُعدُّ الذَّكاءُ الاصطناعيُّ، أداةً ثوريَّةً ستُحدِثُ تحوُّلًا هائلًا في كافَّةِ المجالاتِ، خاصَّةً الصناعةَ، فخلالِ السنواتِ القليلةِ المقبلةِ سيتغيَّرُ القطاعُ الصناعيُّ بشكلٍ جذريٍّ، وستحلُّ الربوتاتُ مكانَ

تفاصيل »