التصرف في المال العام

المقال اليوم عبارة عن حكاية أرويها لكم عن حال التصرف في المال العام: كان قلب موسى بن أبي الغسان يدمى وهو يشهد تسليم غرناطة المسلمة إلى ملوك النصارى، وكان أكثر ما يؤلمه ذلك التخاذل والضعف لدى الخاصة والعامة، ويحس بالعجز إزاء الأحداث الرهيبة المتلاحقة.. كان ذلك في الأندلس. تجد أحياناً قيادياً وتحت تصرفه أموال ليست له وإنما مُؤتمن عليها، وهو ليس بالأمين، ولا يرجع بقراراته الرجعية التي تطول يداه كالفهد على الفريسة ولكنه ليس بالمتخصص في القانون وثغراته ويحتاج إلى من يكون أمامه ويشفق عليه حتى لا يتعرض لعقوبات قانونية تدينه. ويأتي ذاك المفبرك والمدهن الذي يأتي له بما ينير له الطرق المظلمة بالقوانين والتلاعب بالألفاظ وانك يا مسؤول يا مبجل لست بالسارق ولا المتطاول على المال العام، وأنت أخذت نتائج جهدك المضني في سبيل استثمار الأموال التي أنت مسؤول عنها، والخزينة مُلئت وما ستقبضه هو خارج الخزينة وليس مما هو مقيد في الدفاتر الرسمية.. وتستمر الحكاية السخيفة لينتقل هذا الثعلب إلى مكان آخر ليبث سمومه وفكره النتن ويبتز الشعوب ليحصد سيل الشتائم وبعدها يكون استدرج الناس والمهاجمين للقضاء وحصد الأموال تعويضاً عن الهجوم والتشهير ليكون أمامنا ونشفق على حالنا. ويذهب إلى حيث أتى ونرمم الترميم الجذري لحالنا الصعب.. خلصت الحكاية. الترويض يحتار الفرد كيف لأفراد استطاعوا أن يأتوا بالفيل إلى حديقة الحيوان.. بل إن هناك من يطعمه ومن يغسله ومن يداعبه أمام الجمهور.. وعرفت السبب: وهو أن الصياد يحفر له حفرة بمقاسه على خط سيره ويغطي الحفرة بالأعشاب وورق الشجر.. وعندما يسقط ولا يعرف الخروج تأتيه مجموعة من الأفراد يلبسون اللون الأحمر وينزلون عليه بالضرب وليأتي من يرتدون اللباس الأزرق ويبعدون من يضربون الفيل ويطعمونه.. هكذا يومياً اللون الأحمر يزدادون ضرباً والأزرق يزدادون حميمية، وبعد أيام يخرجونه من الحفرة بعد أن يطعموه ويغسلوه.. وهكذا يظل الفيل وفي ذهنه أن اللون الأزرق هو المخلص وهو الكرت الرابح وبقربه الأمان لأن بغيابه اللون الأحمر الذي يضربه الضرب المبرح والمؤذي. وهذا يسمونه الترويض.

عبدالله علي القبندي

القبس الإلكتروني – 23 مايو 2020


Share on facebook
Share on twitter
Share on linkedin
Share on whatsapp
Share on email

أحدث​ المقالات

الشلل الرقمي وتأثيره عالمياً

أصبحت التكنولوجيا الرقمية وما يرتبط بها من وسائل التواصل الاجتماعي والهواتف الذكية والمواقع الإلكترونية جزءاً هاماً من حياتنا اليومية ولا يمكن الاستغناء عنها، فجميعنا يتفقد

تفاصيل »

الذكاء الاصطناعي.. ثورة أم تهديد؟

يُعدُّ الذَّكاءُ الاصطناعيُّ، أداةً ثوريَّةً ستُحدِثُ تحوُّلًا هائلًا في كافَّةِ المجالاتِ، خاصَّةً الصناعةَ، فخلالِ السنواتِ القليلةِ المقبلةِ سيتغيَّرُ القطاعُ الصناعيُّ بشكلٍ جذريٍّ، وستحلُّ الربوتاتُ مكانَ

تفاصيل »