الدعم السعودي لاستقرار الاقتصاد العالمي

ساهمت المملكة في دعم تعافي الاقتصاد العالمي خلال الأزمة الاقتصادية في 2008م، وذلك بالمحافظة على استقرار سعر برميل النفط وبما تقدمه لصندوق النقد الدولي من دعم مالي لمساعدة الدول المتعثرة لتجاوز الأزمة الاقتصادية العالمية، بل دورها كبير في سياسات النفط والطاقة منذ زمن بعيد. وهذه السياسة المتوازنة جعلتها من أكثر الدول مساهمة في نمو واستقرار الاقتصاد العالمي. ولا يقتصر دور المملكة في تعافي الاقتصاد العالمي على سياسات الحكومة فحسب، بل ساهم مستثمرون سعوديون في تعافيه على مستوى الحكومات والشركات والمؤسسات المالية في الدول الكبرى مثل الولايات المتحدة. وقد التزمت المملكة بدورها الفاعل والمؤثر في السياسات النقدية لصندوق النقد الدولي لتحقيق الاستقرار الاقتصادي العالمي وإنقاذه من الأزمة المالية التي مر بها في 2008م والتي استمرت تداعياتها حتى 2010م.

لقد بادرت المملكة بعمل ما يلزم لخفض سعر النفط بعد صعوده المفاجئ إلى مستويات عالية في الربع الأول من عام 2007م، حيث سجل حوالي 148 دولارا ما أثر في النمو السلبي للاقتصاد العالمي. تحافظ المملكة على حصة منظمة الأوبك في سوق الطاقة بسياساتها العقلانية المتحفظة التي تراعي مصالح كل من الدول المنتجة والدول المستهلكة على حد سواء.

ولقد لعبت المملكة دوراً كبيراً في المحافظة على أسعار النفط خلال الحرب العراقية الإيرانية التي دامت حوالي 8 أعوام من غير تأثير سلبي في إمدادات النفط أو ارتفاع حاد في أسعاره. أيضاً ساهمت المملكة في استقرار إمداد النفط وأسعاره خلال غزو العراق لدولة الكويت. وحديثاً أدارت المملكة ممثلة بوزارة الطاقة العدوان الذي وقع على منشآت شركة أرامكو السعودية في أبقيق وخريص، ولله الحمد تم إصلاح ما سببه العدوان الإرهابي في مدة وجيزة، لأن المملكة حريصة على استقرار الإمداد النفطي وسعره.

تبذل وزارة الطاقة جهوداً حثيثة لتأمين الإمدادات النفطية إلى كافة عملاء شركة أرامكو السعودية حول العالم. ولقد أدارت وزارة النفط المفاوضات الأخيرة بشأن خفض الإنتاج بما يساهم في استقرار الاقتصاد العالمي ونموه وبما يرضي كافة الأطراف في الأوبك وروسيا وغيرها من الدول المنتجة خارج منظمة الأوبك، ناهيك عن التعاون بينها وبين أكبر الدول المستهلكة وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية.

ولقد كشفت أزمة فيروس كورونا المستجد قوة الاقتصاد السعودي في امتصاص ردة الفعل بينما كان العديد من الدول المتقدمة تواجه مشكلة في إدارة الأزمة بما في ذلك المحافظة على وظائف العاملين في الشركات في تلك الدول، حيث وصل عدد الموظفين العاطلين عن العمل بسبب الأزمة على سبيل المثال في الولايات المتحدة حوالي 20 مليونا. والجدير بالذكر أن المملكة دعمت القطاع الخاص مالياً بدفع رواتب الموظفين لمدة ثلاثة شهور، وذلك تفادياً للإفلاس والتسريح.

وكان للملكة دور بارز في دعم الدول غير القادرة على تسديد ديونها خلال الأزمة بتأجيلها لأنها تتفهم قسوة الأزمة على تلك الدول وشعوبها. وقد تم تقديم هذا الطلب إلى قمة العشرين الافتراضية التي خُصِصت لمناقشة تبعات فيروس كورونا المستجد على الاقتصاد العالمي.

وفي الختام لمسنا ثمرات الدعم السعودي للاقتصاد العالمي من خلال الارتفاع الأخير الملموس في سعر النفط والذي يساهم في نمو واستقرار الاقتصاد العالمي.

د. عبدالوهاب القحطاني – أستاذ الإدارة الإستراتيجية وتنمية الموارد البشرية بجامعة الملك فهد للبترول والمعادن

جريدة اليوم – 21 مايو 2020

Share on facebook
Share on twitter
Share on linkedin
Share on whatsapp
Share on email

أحدث​ المقالات

الشلل الرقمي وتأثيره عالمياً

أصبحت التكنولوجيا الرقمية وما يرتبط بها من وسائل التواصل الاجتماعي والهواتف الذكية والمواقع الإلكترونية جزءاً هاماً من حياتنا اليومية ولا يمكن الاستغناء عنها، فجميعنا يتفقد

تفاصيل »

الذكاء الاصطناعي.. ثورة أم تهديد؟

يُعدُّ الذَّكاءُ الاصطناعيُّ، أداةً ثوريَّةً ستُحدِثُ تحوُّلًا هائلًا في كافَّةِ المجالاتِ، خاصَّةً الصناعةَ، فخلالِ السنواتِ القليلةِ المقبلةِ سيتغيَّرُ القطاعُ الصناعيُّ بشكلٍ جذريٍّ، وستحلُّ الربوتاتُ مكانَ

تفاصيل »