هنري مينتزبيرغ

سيرته الذاتية:

مينتزبيرغ، هنري هو بروفيسور في علم الإدارة في جامعة ماكجيل بمونتريال كندا. تخرج من كلية سلون للإدارة في معهد ماساتشوسيتس للتقنية. ومن بين المهام الاستشارية المتنوعة والزيارات، عمل بروفيسورًا زائرًا في جامعة مقاطعة ايكسين بفرنسا. فقد قام ببحث ما درج المديرون على إدارته أثناء عملهم، ونوعية المنظمة التي يديرونها.

مساهماته:

بين مينتزبيرغ أن هناك اختلافًا جوهريًا يكمن بين ما يفعله المديرون وبين ما يقولون أنهم سيفعلونه. وقد برهن في مجال الدراسات في نشاط العمل أن عمل المدير يتصف بالتسرع، والمقاطعة أثناء الكلام، والإيجاز، وتنوع وتجزئة الأنشطة، مع تفضيله للتواصل الشفهي. يقضي المديرون قدرًا كبيرًا من الوقت في كل من الاجتماعات المبرمجة وفي الاتصالات التي تتم خارج الاجتماعات.

والطبيعة التجزيئية لما يفعله المديرون تقود إلى اقتراح أن عليهم أن يؤدوا أنواعًا واسعة من الأدوار. فقد اقترح مينتزبيرغ أن هناك عشرة أدوار إدارية يقوم بها المديرون ويمكن تقسيمها إلى ثلاثة أدوار رئيسة: دور العلاقات بين الأشخاص، ودور الإعلام، ودور اتخاذ القرارات.

وتغطي أدوار العلاقات الشخصية العلاقات التي يجب أن يقيمها مع الآخرين. والأدوار الثلاثة في هذه الفئة هي دور الرئيس، والقائد وضابط الاتصال. فالمديرون يتصرفون بصفتهم رؤساء، وذلك لسلطتهم الرسمية وموقعهم الرمزي بوصفهم ممثلين لمنظماتهم. ويتصرفون بصفتهم قادة، بأن يجمعوا بين احتياجات المنظمة والاحتياجات الخاصة بالأفراد الذين يكونون تحت قيادتهم. والدور الثالث الخاص بالعلاقات الشخصية، فهم يعملون على ضبط الاتصال فيما يختص بالعلاقات الأفقية، وقد أظهرت الدراسات التي أجريت على نشاط العمل أن هذا الدور يعتبر مهمًا بالنسبة للمدير. وعلى المدير أيضًا أن يحافظ على شبكة من العلاقات خارج المنظمة.

ويجب على المديرين أن يجمعوا المعلومات وينشروها، وهكذا يكون لديهم ثلاثة أدوار إعلامية منسجمة: مراقب، وناشر، وناطق رسمي. والمدير يعتبر شخصية مهمة في مراقبة ما يجري في المنظمة، ويتلقى المعلومات عن الأحداث الداخلية والخارجية ويرسلها إلى الآخرين. وعملية الإرسال هذه تعتبر دورًا من أدوار النشر، حيث إنه يقوم بتمرير المعلومات الحقيقية والقيمة. وعلى المدير دائمًا إعطاء معلومات تتعلق بالمنظمة إلى من هم خارج المنظمة، للاضطلاع بدور الناطق الرسمي لكل من الجمهور العام ولأولئك الذين يشغلون مناصب ذات نفوذ.

وكما هو الحال مع عدد كبير من كتاب علم الإدارة، فإن مينتزبيرغ يعتبر أن الجزء المهم من النشاط الإداري يتعلق بصنع القرارات. والأدوار الأربعة التي وضعها في هذه الفئة مبنية على درجات مختلفة للقرار، وهي بالتحديد: المقاول، ومعالج الفوضى والمشكلات، وموزع الموارد والمفاوض. وكمقاول، فالمديرون يصنعون قرارات بشأن تغيير ما يحدث في المنظمة. وربما يبادرون إلى إدخال التغيير ويتخذون أيضًا دورًا فاعلاً في تقرير ما يجب عمله بشكل دقيق. وهم في الأصل يتصرفون بشكل تطوعي. وهذا يعتبر مختلفًا جدًا عن دورهم كمعالجين للمشكلات والفوضى، حيث يتعين على المديرين صنع القرارات التي تنشأ عن أحداث لا يمكن التنبؤ بها وخارجة عن سيطرتهم. والقدرة على إصدار ردة فعل تجاه الأحداث، وكذلك القدرة على تخطيط الأنشطة التي تعتبر مهارة إدارية مهمة في نظر مينتزبيرغ.

ويعتبر دور توزيع الموارد بالنسبة للمدير دورًا محوريًا لكثير من التحليلات التنظيمية. وبشكل واضح على المدير أن يتخذ قرارات تتعلق بتوزيع المال، والعاملين، والآليات، والوقت وهكذا. وأشار مينتزبيرغ إلى أن المدير عندما يقوم بذلك، فهو يحدد مواعيد زمنية، يبرمج العمل ويقر الأفعال. ووضع مينتزبيرغ دور التفاوض في فئة القرارات لأنه يعتبر متاجرة بالموارد في الوقت الحقيقي. فعلى المدير أن يتفاوض مع الآخرين من أجل أن يكون قادرًا على اتخاذ قرارات عن الالتزام بموارد المنظمة.

وبالنسبة لمينتزبيرغ تقدم له هذه الأدوار العشرة وصفًا أكثر ملاءمة عما يفعله المديرون فيما تقدمه مختلف مدارس الفكر الإداري. وتعتبر المعلومات هي الأكثر أهمية في هذه الأدوار. ويحدد المديرون أولوية المعلومات من خلال الأدوار الخاصة بالعلاقات الشخصية التي يكتسبونها، ومن خلال أدوار اتخاذ القرارات التي يضعونها للاستخدام.

إن المجال بالنسبة لكل مدير لاختيار مزيج مختلف من الأدوار يعني أن الإدارة لا يمكن اختزالها في مجموعة من العبارات العلمية والبرامج. فالإدارة هي بشكل أساسي تعتبر فناً، ومن الضروري للمديرين أن يحاولوا تعلم الأوضاع الخاصة بهم بشكل متواصل، فالدراسة الذاتية من الأمور الأساسية. وفي الوقت الحالي لا توجد قاعدة مجمع عليها لتدريس نظرية الإدارة. ووفقًا لمينتزبيرغ فإن مدرسة الإدارة ظلت فعالة أكثر في تدريب التكنوقراطيين ليتعاملوا مع المشكلات الروتينية الواضحة والمنظمة أكثر من تدريب المديرين ليتعاملوا مع المشكلات غير الروتينية الواضحة والخارجة عن سيطرتهم.

ولا توجد أية تعاليم إدارية تمنح الممارس أسلوبًا ممهدًا لفهم تصميم المنظمات. وقد قرر مينتزبيرغ ابتكار مثل هذا الأسلوب. وحسب ما يراه، توجد هناك خمسة تصميمات أساسية تتكرر صورها في البحوث المنشورة. وقد سماها، النظام البسيط، البيروقراطية الآلية، البيروقراطية الاحترافية، الشكل المقسم والاعتراضية.

والصورة الأبرز في كل واحدة من ضمن الأجزاء الأساسية الخمسة المهيمنة على المنظمة تكرار رقم خمسة الذي حث مينتزبيرغ ليعنون كتابه في عام 1983م، المباني الخمسة. ففي النظام البسيط، يكون الجزء الرئيس المهيمن هو “الرأس الاستراتيجي”، ففيما يتعلق بالمصنع، سيكون مجلس الإدارة، أو الرئيس أو الرئيس التنفيذي وموظفيه. وفي البيروقراطية الآلية، يكون “البنية التقنية”، والتي تشمل موظفي التخطيط، والمالية، والتدريب، وبحوث العمليات ودراسة العمل، وبرمجة الإنتاج. والجزء الرئيس في البيروقراطية الاحترافية المهنية هو “مركز العمليات”، وهم أولئك الذين يشكلون أساس المنظمة. ويكون ذلك الجزء للمصنع هم المشترون، ومشغلو الآلة، والبائعون والمرسلون، وفي البيروقراطية الاحترافية يمكن أن يكون الأطباء والممرضون (في المستشفى) أو أعضاء هيئة التدريس (في الكلية) هم الجزء الرئيس. ويعتبر “الخط الأوسط” أساسيًا في الشكل المقسم من المنظمة، حيث يكون الموظف الذي “يدير المديرين” في التسلسل الهرمي بين الرأس الاستراتيجي ومركز التشغيل. وفي مجال التصنيع يمكن أن يشمل ذلك رؤساء الإنتاج وموظفي المبيعات، والمديرين والمشرفين الأدنى منهم. وفي النهاية في الخط الاعتراضي يكون “الموظفون المساعدون” هم الجزء الرئيس. وفي المجال الصناعي النموذجي يمكن أن يكونوا في العلاقات العامة، والعلاقات الصناعية، والتسعير، ومعدي جدول الرواتب، والعاملين في الكافيتيريا، وكذلك في البحوث والتطوير، لكن في الخط الاعتراضي يكون التركيز في السابق “البحوث والتطوير”.

مسرد لأهم أعماله:

  1. Mintzberg, H. The Nature of Managerial Work, Harper & Row, 1973; Prentice-Hall, 1980.
  2. Mintzberg, H., The Manager’s Job: Folklore and Fact, Harvard Business Review. (1975), 49-61; Reprinted in D.S. Pugh, Organization Theory, Penguin, 1990.
  3. Mintzberg, H. The Structuring of Organizations, Prentice-Hall, 1979.
  4. Mintzberg, H. Structures in Fives: Designing Effective Organizations, Prentice-Hall, 1983.

المراجع:

  • McCurdy Howard E. Public Administration: A Bibliographic Guide to the Literature. Marcel Dekker, NY, 1985.
  • McGregor Douglas. The Inside of Enterprise. McGraw -Hill, NY, 1960.
  • Pugh Derek S. and Hickson David J. Great Writers on Organizations. Dartmouth Publishing Co. Aldershot England, 1993.

المصدر:د. إبراهيم علي ملحم (2008)، علماء الإدارة وروادها في العالم: سير ذاتية وإسهامات علمية وعملية، (القاهرة: المنظمة العربية للتنمية الإدارية).

Share on facebook
Share on twitter
Share on linkedin
Share on whatsapp
Share on email

أحدث​ المقالات

الشلل الرقمي وتأثيره عالمياً

أصبحت التكنولوجيا الرقمية وما يرتبط بها من وسائل التواصل الاجتماعي والهواتف الذكية والمواقع الإلكترونية جزءاً هاماً من حياتنا اليومية ولا يمكن الاستغناء عنها، فجميعنا يتفقد

تفاصيل »

الذكاء الاصطناعي.. ثورة أم تهديد؟

يُعدُّ الذَّكاءُ الاصطناعيُّ، أداةً ثوريَّةً ستُحدِثُ تحوُّلًا هائلًا في كافَّةِ المجالاتِ، خاصَّةً الصناعةَ، فخلالِ السنواتِ القليلةِ المقبلةِ سيتغيَّرُ القطاعُ الصناعيُّ بشكلٍ جذريٍّ، وستحلُّ الربوتاتُ مكانَ

تفاصيل »