القيادة في الأزمات (2)

استكمالاً للمقال السابق، لاحظنا الرسائل التي بعثها وزير الصحة د. باسل الصباح «أستحلفكم بالله ابقوا في بيوتكم» وكانت الرسالة الأشهر في هذا الحدث والأعمق تأثيراً في النفوس والتي لخصت بكل صدق وشفافية الهدف الأساسي من الحملة، وهو الحرص على التباعد الاجتماعي وعدم الخروج من المنزل إلا للضرورة القصوى، هذه الرسالة من د. باسل كان لها الوقع الأكبر شخصياً عليّ أكثر من الرسائل والأغاني الوطنية المكررة يومياً، والسبب هو مصداقية د. باسل كقدوة ومثل أعلى للكادر الطبي والحكومة، ولهذا السبب كان لكلمته التأثير الكبير، خصوصا أنها كانت بلغة الرجاء وليس الأمر، ولو طبقنا المبدأ نفسه على الشركات أو المؤسسات على سبيل المثال، فسنجد أنه لو كانت المشكلة تابعة لقسم المبيعات، فيجب على الإدارة – أولاً – أن تحدد ما هي المشكلة وكيف سنقوم بحلها كفريق متكامل، فهي ليست مسؤولية فرد أو فريق بعينه، وفي حال تطبيق الخطة يجب على الإدارة التركيز على الأهداف الجديدة (مثلا: خفض الميزانية بنسبة 30 في المئة، او زيادة الانتاج بنسبة 20 في المئة، التركيز على التطوير المستمر) بالإضافة إلى السلوكيات أو المهارات التي بها نستطيع تحقيق هذه الأهداف (مثلا: العمل عن بعد، العمل الجماعي، التأقلم والتفاعل) وبهذا نستطيع أن نضمن بأن التطبيق سيكون بالشكل المطلوب، كما يجب توضيح أكثر من سيناريو لمواجهة التغيرات، ولتكون المنظمة أو الشركة في وضع استعداد لمواجهة أزمات مستقبلية وذلك من خلال مراجعة وتقييم الأداء الحالي. وهنا لا بدّ من الإجابة على مجموعة من الأسئلة، ما الذي سار بطريقة صحيحة وفعالة؟ وما الذي سبب لنا الكثير من التحديات؟ كما أنه يجب التركيز في جميع الظروف على أهمية العمل الجماعي وروح الفريق الواحد، والتركيز على التدريب والتطوير المستمر للأفراد والقيادات في الشركة او المنظمة، وتحديد الأولويات وتهيئة الفريق للقيادة في الأزمات بشكل فعال، فنحن ننظر إلى المستقبل بنظرة أمل بعد الأداء الحكومي المتميز والتقدير والتصفيق من أعضاء مجلس الأمة على أننا سنرى قرارات حاسمة وحازمة لحماية البلاد في القادم من الأيام، والسؤال الذي يطرح نفسه: هل سنستمر في دعم مشاريع استهلاكية، أم أننا سنرى توجها حكوميا لدعم القطاع الصناعي الذي يساعد على تنويع مصادر دخل الدولة؟ هذا بالنسبة الى القيادات الحكومية والشركات، فكيف سنستفيد نحن كأفراد من هذه الدروس والظروف الحالية، كيف سنقيم أولوياتنا في الحياة، وفي العمل وفي تعاملنا مع الأحداث اليومية؟ هل ستتغير نظرتنا للعلوم والتربية والتطوير مقابل كماليات الحياة والعلاقات الاجتماعية «المفرطة»؟ أسئلة تحتاج الى تقييمنا الشخصي للاستفادة من هذه الدروس لنعيش في القادم من الأيام بطريقة أفضل لسعادة أكبر.

عبدالعزيز يوسف الرومي

القبس الإلكتروني – 10 مايو 2020

Share on facebook
Share on twitter
Share on linkedin
Share on whatsapp
Share on email

أحدث​ المقالات

الشلل الرقمي وتأثيره عالمياً

أصبحت التكنولوجيا الرقمية وما يرتبط بها من وسائل التواصل الاجتماعي والهواتف الذكية والمواقع الإلكترونية جزءاً هاماً من حياتنا اليومية ولا يمكن الاستغناء عنها، فجميعنا يتفقد

تفاصيل »

الذكاء الاصطناعي.. ثورة أم تهديد؟

يُعدُّ الذَّكاءُ الاصطناعيُّ، أداةً ثوريَّةً ستُحدِثُ تحوُّلًا هائلًا في كافَّةِ المجالاتِ، خاصَّةً الصناعةَ، فخلالِ السنواتِ القليلةِ المقبلةِ سيتغيَّرُ القطاعُ الصناعيُّ بشكلٍ جذريٍّ، وستحلُّ الربوتاتُ مكانَ

تفاصيل »