الاستثمار في مجمعات إسكان العمالة

أصبح واضحاً وواقعاً للأسف في المعركة الشرسة التي تخوضها بكل كفاءة الأجهزة الصحية في المملكة لمواجهة جائحة كورونا، أن الأفراد -بالدرجة الأولى- من الأيدي العاملة الوافدة، هم من يمثلون بسبب اكتظاظهم السكني التحدي الأكبر في احتواء هذا الوباء والحد من انتشاره، تعبر عن ذلك نسب الإصابات التي تعلن يومياً ويمثل غير السعوديين أكثر من ثلثي تلك الحالات.

لم أجد في الحقيقة إحصاءات أو بيانات منشورة عن إجمالي عدد هؤلاء الأفراد من الأيدي العاملة الوافدة إلا أنه في تصوري يمكن الوصول لحساب تقديري لهذا العدد استناداً إلى إجمالي عدد سكان المملكة من غير السعوديين (اثني عشر مليون مقيم) وكذلك التركيب النوعي لهؤلاء المقيمين، أي نسبة الرجال للنساء بينهم، الذي وفق البيانات المسحية المنشورة أن هذه النسبة تبلغ (217) ذكراً لكل (100) أنثى، وتعبر عن أن أكثر من خمسين في المئة من الوافدين للعمل من الذكور يقيمون في المملكة بمفردهم، مما يوصل من تلك البيانات إلى رقم تقريبي لإجمالي عدد الأفراد من الأيدي العاملة الوافدة وأنه بحدود الأربعة ملايين عامل.

ليس المهم في ظل الظروف الوبائية الحالية الحرجة معرفة إجمالي عدد الأفراد من العمالة الوافدة وإنما عدد الوحدات السكنية التي يقيمون بها هؤلاء، وذلك من إجمالي الاثنين مليون وحدة سكنية التي يقيم بها غير السعوديين من عائلات وعزاب، والتي في تقديري أنه بعد استبعاد الوحدات السكنية التي تقيم بها العائلات الوافدة، قد يصل عدد تلك الوحدات إلى مئتي ألف وحدة سكنية، ما يعني أنها أكثر من مكتظة حيث يتجاوز متوسط إشغالها العشرين عاملاً في الوحدة السكنية الواحدة مما يعني أننا في حالة رغبتنا الحد من اكتظاظهم السكني القائم فإننا نحتاج إلى توزيع هذه الأعداد من العمالة الأفراد على أكثر من ثلاثة أضعاف الوحدات السكنية التي يقيمون بها حالياً! مع ذلك نجد من متوسط الدخل والإنفاق الشهري لهذه الأيدي العاملة أن ما تصرفه على السكن والخدمات المرتبطة بذلك من كهرباء ومياه ووقود وخلافه قد تصل فاتورته إلى (2.5) مليار ريال شهرياً، الأمر الذي يطرح تساؤلاً عن جدوى وإمكانية أن تتبنى وزارة العمل والتنمية الاجتماعية إنشاء شركة مساهمة من القطاع الخاص تكون الحصة الأكبر في تأسيسها للشركات الصناعية وشركات المقاولات والشركات العاملة في قطاع التجزئة تعمل على أساس تنافسي لتوفير الإسكان الصحي لهذه العمالة مباشرة أو حتى من خلال مزودين لخدمة الإسكان للأفراد، وذلك كبديل للوضع الحالي.

د. سليمان بن عبدالله الرويشد – كاتب

جريدة الرياض – 4 مايو 2020

Share on facebook
Share on twitter
Share on linkedin
Share on whatsapp
Share on email

أحدث​ المقالات

الشلل الرقمي وتأثيره عالمياً

أصبحت التكنولوجيا الرقمية وما يرتبط بها من وسائل التواصل الاجتماعي والهواتف الذكية والمواقع الإلكترونية جزءاً هاماً من حياتنا اليومية ولا يمكن الاستغناء عنها، فجميعنا يتفقد

تفاصيل »

الذكاء الاصطناعي.. ثورة أم تهديد؟

يُعدُّ الذَّكاءُ الاصطناعيُّ، أداةً ثوريَّةً ستُحدِثُ تحوُّلًا هائلًا في كافَّةِ المجالاتِ، خاصَّةً الصناعةَ، فخلالِ السنواتِ القليلةِ المقبلةِ سيتغيَّرُ القطاعُ الصناعيُّ بشكلٍ جذريٍّ، وستحلُّ الربوتاتُ مكانَ

تفاصيل »