القيادة في الأزمات (1)

في ظل تفشي جائحة كورونا، التي تعتبر من أصعب التحديات في هذا العصر، يكون القادةُ والإداريون في وضعٍ لا يحسدون عليه لعدم وضوح الرؤية. ويكمن التحدي في أنّ لكلّ أزمةٍ ظرفاً وطابعاً مختلفاً عن سابقاتها، وبالتالي تمثل أزمة كورونا تحدياً جديداً على كل القطاعات بشكل عام وللقيادة الحالية بشكل خاص، خصوصا أنَّ الأزمات العالمية تكون نادرة الحدوث ولا يمكن معرفة أبعادها وأضرارها، ولكل أزمة طابعٌ خاص، فقد تكون أزمة سمعة مثل شركة أنرون أو إفلاس مثل شركة نوكيا، وقد تكون أزمة صحية مثل أزمة فيروس كورونا المستجد التي سببت مشكلة عالمية واقتصادية وغيرها من الأضرار الجسيمة في العالم كله، وبحسب الكاتبة جين كلان في كتابها «القيادة في الأزمات» فإن الجميع يريد أن تمر عليه الأزمات بأقل خسائر ممكنة، سواء أكانت على مستوى الموارد المالية والبشرية أم على مستوى استمرارية العمل بالشكل الطبيعي (بقدر المستطاع)، وقسمت الكاتبة القيادة الفعالة وقت الأزمات إلى خمسة عناصر، أولها القدرة على التأقلم مع الوضع الحالي، فكلما كان القائد متفاعلاً ومرناً في مواجهة المشاكل، فسيساعد هذا على تجاوز المرحلة الأصعب من المشكلة، ويكون ذلك بتحديد الأولويات والتفاعل مع المستجدات، كما رأينا في بداية جائحة كورونا، فقد اتخذت الحكومة ومعالي وزير الصحة الشيخ د. باسل الصباح الإجراءات الاحترازية بالحجر وتوقف القطاعات الحكومية، بالإضافة إلى تواجده الشخصي لمباشرة الإجراءات عن قرب للتأكد من صحة التطبيق من قبل وزارة الصحة. العنصر الثاني وهو التأكد من صحة المعلومات الواردة عن المشكلة، على سبيل المثال في أزمة كورونا، هناك مصادر رسمية لمتابعة الحالات المصابة بالإضافة إلى القوانين التي اتخذتها الدولة في هذا الموضوع، وعليه فإن الإدارة ستكون قادرة على وضع خطط قريبة الأجل للمنظومة، حتى تقوم بما يلزم لحفظ سير العمل والحفاظ على الموارد، وبالتالي نحافظ على فريق العمل من الإشاعات من خلال إخطار جميع العاملين بما ستقوم به الإدارة للحفاظ على المنظومة بمن فيها، وهنا أود أن أنوه إلى ما قدمته وزارة الصحة من خطة إعلامية واضحة عن طريق د. عبدالله السند في تقريره اليومي أو التقرير المسائي للسيد طارق المزرم المتحدث باسم الحكومة لما يبثان من طمأنينة بين كل طبقات الشعب على سير الإجراءات والمستجدات في هذا الشأن، وهذا ينقلنا الى العنصر الثالث وهو تحديد الخطط الواقعية القصيرة المدى لتخطي الوضع الحالي، وإن استطاعت المنظمة أو الشركة تقديم الخطط بشكل واقعي وفعلي، فإنه سيكون أكبر دافع للعاملين والشركاء ليعززوا ثقتهم في القيادة الحالية، وعليه فعلينا القيام بالعنصر الرابع بالشكل الصحيح وهوالتواصل بكل الطرق الممكنة، عبر جميع وسائل التواصل المتاحة في الشركة (حساب الانستغرام وتويتر، المذكرات الداخلية، التواصل المرئي والمباشر، وغيرها) حتى نتأكد من أن الجميع استقبل الرسالة بالشكل الصحيح ومع التذكير المستمرعن طريق التواصل المفتوح بين العاملين والإدارة للإجابة على تعليقات وأسئلة العاملين، حتى لا يكون هناك مجال للإشاعات والإحساس بأي نوع من الظلم أو التحييز بين الموظفين. يتبع في المقال القادم…

عبدالعزيز يوسف الرومي

القبس الإلكتروني – 3 مايو 2020

Share on facebook
Share on twitter
Share on linkedin
Share on whatsapp
Share on email

أحدث​ المقالات

الشلل الرقمي وتأثيره عالمياً

أصبحت التكنولوجيا الرقمية وما يرتبط بها من وسائل التواصل الاجتماعي والهواتف الذكية والمواقع الإلكترونية جزءاً هاماً من حياتنا اليومية ولا يمكن الاستغناء عنها، فجميعنا يتفقد

تفاصيل »

الذكاء الاصطناعي.. ثورة أم تهديد؟

يُعدُّ الذَّكاءُ الاصطناعيُّ، أداةً ثوريَّةً ستُحدِثُ تحوُّلًا هائلًا في كافَّةِ المجالاتِ، خاصَّةً الصناعةَ، فخلالِ السنواتِ القليلةِ المقبلةِ سيتغيَّرُ القطاعُ الصناعيُّ بشكلٍ جذريٍّ، وستحلُّ الربوتاتُ مكانَ

تفاصيل »