روشتة الوقاية من الفيروس الاقتصادي المستجد 2020

قال الخبير الاقتصادي مهند عدلي ، إنه منذ أن بدأت أزمة كورونا في الصين في ديسمبر من العام الماضي ومع امتدادها العالمي وصولا إلى مصر في منتصف فبراير ثم الانتشار في معظم دول العالم…..وجميع المعادلات الاقتصادية تشهد اختلالاً غير مسبوق يفوق ما حدث من أزمات سابقة في هذا القرن وأشهرها الأزمة الاقتصادية العالمية في 2008 /2009 …وأيضًا ما حدث من أزمات في القرن الماضي وخاصة أزمة الكساد العالمي الكبير في ثلاثينيات القرن الماضي التي يري البعض أنها تشبه إلى حد كبير الأزمة الحالية وهو ما أراه غير صحيح لوجود العديد من الاختلافات التي يجب دراستها بشكل وافٍ.

فالحقيقة أن هناك أوجه اختلاف مهمة ومحورية يجب الانتباه إليها حتي يمكن فهم الأزمة الراهنة بشكل صحيح وبالتالى التوصل بشكل صحيح أيضًا إلى طرق التعامل معها ومع تداعياتها…وأهم هذه الاختلافات أن هذه الأزمة ليست أزمة اقتصادية في الأساس مثل الأزمات السابقة ولكنها أزمة في الأصل صحية انتجت تداعيات اقتصادية وصلت لمراحل تأزم تالية… وثاني هذه الاختلافات شمول نطاق هذه الأزمة لكافة القطاعات الاقتصادية وكافة الدول شمالا وجنوبا وشرقا وغربا.

وبهذا التوصيف فان مما لا شك فيه أن فاتورة الخسائر ستكون باهظة التكلفة…الآن ..ومستقبلا لأنه من المتوقع أن تتضمن هذه الفاتورة بنودا مستقبلية أكثر قسوة بالإضافة إلى البنود الصعبة الحالية وهنا يصبح التساؤل الملح بالنسبة للاقتصاد المصري هو كيف نخفض بنود هذه الفاتورة المتوقعة؟…وكيف نصل بها إلى أقل الحدود الممكنة من الخسائر المحتملة؟

وبالنظر إلى الأشهر الثلاثة الماضية فان هناك تأثيرا شديدا بالسلب علي العديد من القطاعات … ورغم هذه الآثار السلبية الا ان الاقتصاد المصري حافظ علي تصنيفات ائتمانية مقبولة ونظرة مستقبلية مستقرة مدفوعا بعدة اسباب منها تراجع اسعار النفط واثاره الايجابية الضخمة والمباشرة علي الموازنة العامة للدولة و ايضا التنوع الكبير لمكونات الاقتصاد المصري مما خفف من التأثيرات السلبية علي مستوى السياسات الكلية علي عكس صدمات الخسائر المؤلمة في الدول النفطية أو الاقتصادات ذات الموارد المحدودة.

هذا التوازن ظهر واضحا في صمود الجنيه المصري حتى الآن امام العملات الاجنبية …وبالنظر إلى التجارب السابقة في ظاهرة الدولرة كما حدث قبل التعويم في2004 وفي 2016 سنجد ان الازمات التي ادت إليها تضاعفت بسبب تزايد الضغوط علي الجنيه بطريقة مبالغ فيها مما دفعه للسقوط السريع امام الدولار والوصول لمراحل صعبة وصولا للتعويم لندخل منها إلى تطبيق اصلاحات هيكلية وهي التي استطاع الاقتصاد المصري تجاوزها بنجاح والتي كان لها الفضل في القدرة النسبية للاقتصاد علي التعامل مع الأزمة الحالية.

لذا يصبح المنحنى الاهم حاليًا هو كيف نحافظ علي قوة الجنيه في مواجهة الدولار وفق معايير وضوابط السوق الحرة والنزيهة لان ذلك سيؤدي بالتبعية إلى ضمان عدم تجاوز الحد الأدنى لفاتورة الخسائر الاقتصادية اما حدوث العكس فيعني مضاعفة هذه الفاتورة وربما إلى حدود لا يمكن تحملها.

لذاك اقترح استثمار الأوضاع الراهنة عالميا في خفض فاتورة الاستيراد عبر تنمية قواعد التصنيع المحلية وتقويم سلاسل التوريد المرتبطة بها واعادة هيكلة المكونات المحلية نحو التكامل الموضوعي تجاريا وصناعيا وزراعيا وخدميا وضبط البيئة التشريعية الضامنة لتحقيق ذلك وخاصة فيما يتعلق بغل يد البيروقراطية واعتماد نظم الحوافز الحكومية.. وصولا ليس فقط لخفض فاتورة الاستيراد ولكن ايضا إلى امتلاك منظومات محلية بديلة يمكن الاعتماد عليها في المراحل التالية…

وبالطبع فان للجهود الحكومية نحو جذب التمويلات الدولية والاقليمية الطارئة بالاضافة للسياسات والادوات النقدية للبنك المركزي ووزارة المالية لذلك كله وبالتنسيق المشترك يمكن ليس فقط حماية الاقتصاد من ازمة الدولرة ولكن ايضا الحد من تداعيات الازمات الافتصادية العالمية مسقبلا والحفاظ على نسب نمو اقتصادي جيدة بالمقارنة بباقي دول المنطقة والعالم.

المصدر: بوابة الأهرام

Share on facebook
Share on twitter
Share on linkedin
Share on whatsapp
Share on email

أحدث​ المقالات

الشلل الرقمي وتأثيره عالمياً

أصبحت التكنولوجيا الرقمية وما يرتبط بها من وسائل التواصل الاجتماعي والهواتف الذكية والمواقع الإلكترونية جزءاً هاماً من حياتنا اليومية ولا يمكن الاستغناء عنها، فجميعنا يتفقد

تفاصيل »

الذكاء الاصطناعي.. ثورة أم تهديد؟

يُعدُّ الذَّكاءُ الاصطناعيُّ، أداةً ثوريَّةً ستُحدِثُ تحوُّلًا هائلًا في كافَّةِ المجالاتِ، خاصَّةً الصناعةَ، فخلالِ السنواتِ القليلةِ المقبلةِ سيتغيَّرُ القطاعُ الصناعيُّ بشكلٍ جذريٍّ، وستحلُّ الربوتاتُ مكانَ

تفاصيل »