ملخص الدراسة:
- تسلط الدراسة الضوء على بعض المعوقات الإدارية التي تعترض تحقيق التنمية الثقافية في مصر على النحو الأمثل، وذلك من خلال فحص دور الهيئة العامة لقصور الثقافة في تحقيق التنمية الثقافية خلال الفترة من 2009 حتى 2015، وتنطلق الدراسة من مقولة مفادها أن رسم أية سياسة عامة تتسم بالكفاءة والفعالية ناهيك عن تنفيذها يتطلب مجموعة من المقومات. هذه دراسة لواقع مؤسسة ثقافية مهمة (أى الهيئة العامة لقصور الثقافة) في خضم تغير اجتماعي وسياسي كبير، كون الدراسة معنية بفترة زمنية تعددت فيها الرؤى بشأن ضرورة إعادة هيكلة الواقع السياسي والاقتصادي والمجتمعي في مصر، وثارت فيها تخوفات جدية على الهوية الوطنية، فهل كانت استجابة مؤسسات الدولة الثقافية تكافئ ما علق عليها من آمال أم أن أمراض البيروقراطية حالت دون ذلك؟
- خلال العقود الأربعة الماضية تضافرت مجموعة من العلل التي جعلت التنمية الثقافية، مُعرفة باعتبارها” تحديث النظم والوسائل الكفيلة بنشر قيم مجتمع المعرفة واستنفار العقل وتوظيف قواه، والارتقاء بالوجدان”، قضية رئيسية في النقاشات؛ فالوعي المتنامي بأن الهدف النهائي للتنمية هو الخير المادي والروحي للإنسان وأن التنمية الحقيقة لا يمكن اختزالها في زيادة الدخل الفردي فحسب، والخبرة المعاصرة لكثير من الدول أشارت إلى أهمية الأعراف والقيم والسلوكيات المجتمعية في تعبيد الطريق أمام التنمية الاقتصادية والتناغم المجتمعي أو إعاقته، والتغير الفكري العارم الذى جرى مجراه في العلوم الاجتماعية المقارنة وانطوى على إعادة الدولة لواجهة التحليل كفاعل ذي ثقل في تشكيل الوعي الجمعي، كلها عوامل ساعدت في لفت الانتباه إلى ضرورة الدور التدخلي للدولة في الشأن الثقافي غرسا لمنظومة مواتية لعملية التنمية. لم تكن مصر استثناءً، حيث ينص الدستور على الحق في الثقافة، وأعلنت الحكومات أن “بناء الإنسان المصري” يأتي على قمة أولوياتها، غير أن ثمة فجوة مع الواقع، يمكن عزوها جزئيا لجملة من المشاكل الإدارية المرتبطة بالمراحل المختلفة لعملية صنع السياسات الثقافية في مصر. يؤمن الباحث بأهمية المنظور الإداري في تفسير واقع التنمية الثقافية، والدور الذي يلعبه الوزير في صياغة وتنفيذ سياسات وزارته فضلا عن القيادات الإدارية، ومن ثم تصير السياسة العامة في مجال من المجالات وجزئيا انعكاس للتوجهات الفكرية والرؤية الشخصية للوزير، من ناحية ثالثة وأخيرة نحن لا نرى الإدارة العامة بمعزل عن السياق السياسي الأوسع لأي مجتمع.
رامي محمود محمد عبد المجيد
جامعة الإسكندرية – 2018