مسؤولية معهد الإدارة العامة «بيبا»

شعور الكسل والرتابة التي يصاب بها بعض الموظفين بعد سنوات من العمل، وفي ظل الإحباط وعدم الجدية في العمل، ظهر في الآونة الأخيرة مفهوم اجتماعي جديد، ذو شحنات إيجابية ومؤثرة في العمل وهي (السعادة)، وأصبحت الكثير من مراكز الدراسات والابحاث والتدريب تهتم بهذا الجانب لما له من تأثير إيجابي كبير في بيئة العمل، ومحفز رئيس لرفع مستويات الإنتاجية، الأمر الذي يحقق الأهداف المرجوة حتى بلوغ الرؤية المستقبلية.

في آخر تصريح للمدير العام لمعهد الإدارة العامة (بيبا) الدكتور رائد بن شمس أكد «ضرورة الارتقاء بمستويات السعادة في بيئة العمل الحكومي وضمان استدامتها؛ نظرًا لارتباط سعادة الموظف بشكل محوري بارتفاع مستويات الإنتاجية وجودة العمل المؤسسي»، وهذا تأكيد على أن السعادة عامل مؤثر في الإنتاجية والاستمرارية بما يحقق الأهداف.

الجميل أن معهد (بيبا) يسعى لتحقيق السعادة في الوظيفة من خلال مجموعة من الدورات وورش العمل والمحاضرات، وقد وضع المعهد في العام 2009م نموذج مؤشرات لقياس أثر السعادة على الموظفين، واعتمد كذلك نموذجًا آخر لتحقيق السعادة من خلال القيم المؤسسية المحفزة لتحقيق السعادة مثل العطاء والمشاركة والريادة في العمل المؤسسي.

مفهوم السعادة مع أنه حديث في علم الإدارة إلا أنه أصبح ذا أهمية كبرى لدى المؤسسات، فكلما اهتمت المؤسسة بسعادة موظفيها، ووضعت البرامج التي تسعدهم كان لذلك مردود إيجابي عليهم، وزاد الحماس لديهم للعمل والتضحية من أجله، الأمر الذي يؤدي إلى زيادة إنتاجيتهم، وتحقيق الأرباح، ورضا الزبائن حتى بلوغ أهدافها المنشودة.

ولا يمكن تحقيق السعادة الا من خلال الشراكة الوظيفية، فالعمل الفردي بالمؤسسة ينعكس سلبًا ويؤثر على الإنتاجية، وتشير بعض الدراسات إلى أن نحو 87% من الموظفين على مستوى العالم لا يتواصلون بشكل كافٍ مع زملائهم في العمل، الأمر الذي يؤدي إلى خسائر كبيرة في مؤسساتهم، وأن المؤسسات التي يتواصل فيها موظفوها ترتفع نسبة المبيعات إلى 37%، والانتاجية بنسبة 31%.

لذا يثار تساؤل كبير عن متى يكون الموظف سعيداً؟ وبعبارة أخرى ما هي الأسباب التي تجعل الموظف سعيداً بعمله؟ والحقيقة أن السعادة لها مصدران مهمان بالعمل، الأول وهي الحالة النفسية للموظف، سواء في بيته أو مجتمعه ما يؤثر وبشكل كبير على سعادته بالعمل، وهي عوامل خارجية تجب على الموظف معالجتها حتى لا تؤثر على عمله، والمصدر الآخر وهو المؤسسة التي يعمل فيها، وهناك عوامل كثيرة تؤثر عليه في عمله ومنها، رؤساؤه وزملاؤه والمراجعون، ولكل منهم دور كبير في تعزيز السعادة لدى الموظف ورفع معنوياته، ومتى ما عاش في بيئة سعيدة فبالتالي سيؤثر إيجابًا على الموظف في عمله.

من هنا؛ فإن معهد الإدارة العامة يسعى لخلق بيئة ملائمة ومحفزة لنشر السعادة بين الموظفين، وذلك من خلال برامج ومبادرات تستهدف الموظف في عمله.

صلاح الجودر – عضو مركز الملك حمد العالمي للتعايش السلمي

صحيفة الأيام البحرينية – 31 مارس 2020


Share on facebook
Share on twitter
Share on linkedin
Share on whatsapp
Share on email

أحدث​ المقالات

الشلل الرقمي وتأثيره عالمياً

أصبحت التكنولوجيا الرقمية وما يرتبط بها من وسائل التواصل الاجتماعي والهواتف الذكية والمواقع الإلكترونية جزءاً هاماً من حياتنا اليومية ولا يمكن الاستغناء عنها، فجميعنا يتفقد

تفاصيل »

الذكاء الاصطناعي.. ثورة أم تهديد؟

يُعدُّ الذَّكاءُ الاصطناعيُّ، أداةً ثوريَّةً ستُحدِثُ تحوُّلًا هائلًا في كافَّةِ المجالاتِ، خاصَّةً الصناعةَ، فخلالِ السنواتِ القليلةِ المقبلةِ سيتغيَّرُ القطاعُ الصناعيُّ بشكلٍ جذريٍّ، وستحلُّ الربوتاتُ مكانَ

تفاصيل »