إدارة الأزمات.. خبرة وفن

الأزمات التي تمرّ بالعالم كثيرة، وكثيرة أيضًا الأساليب والحلول لإدارة تلك الأزمات، لكن القليل منها هو ما يمكن الإشادة به، والنادر ما يتسم بالحكمة وحسن الإدارة، للخروج إلى بر الأمان.
تختلف أساليب الدول في إدارة الأزمات حسب القوة، لكن القوة ليست كل شيء، فمن القوة ما يُهلك الحرث والنسل، كما نرى ذلك واضحًا في أزمات الحروب والسياسة عالميًا، حيث القوة والمادة، المعيار على حساب الإنسانية والحقوق العادلة.
بيدَ أن الجمع بين القوة والعقل والوقاية، والموازنة بينها لدرء المفاسد، وجلب المصالح، وحفظ الضرورات، أمر في غاية الأهمية، لا يكاد يجيده كإدارة وفن وقِيَم وأخلاق، إلا نخبة من القادة في بيوت السياسة والحكم العريقة.
والناظر في تاريخ الجزيرة العربية، لا يجد أسرة حكم وسياسة أعرق وأقوى من أسرة آل سعود، الذين لولاهم لما كان ممكنًا توحيد هذا الوطن وعمارته في مدة وجيزة، سمت فيها القيادة بالوطن والشعب إلى مصاف دول العالم، سياسة واقتصادًا وقوة. ولولا حِكمة وحِنكة هذه القيادة، لما كان ممكنًا مواجهة الأزمات وإدارتها باحترافية، ولما كانت المملكة تخرج من كل أزمة أقوى.
وما يمرّ به العالم اليوم، يجعلني فخورًا ومعتزًا بالسياسة الحكيمة والحنكة العريقة لقيادتنا، وهي تبهر العالم في مواجهة وباء كورونا؛ الأمر الذي جعل الدول المتقدمة ووسائل إعلامها ومواطنيها، يتناقلون الجهود الكبيرة والإجراءات الاستباقية والاحترازية التي اتخذتها المملكة؛ للحد من انتشار الوباء، ومعالجة المصابين، وتوفير المستلزمات الضرورية، وتأمين الغذاء.
وفي حين تُعلن دول كبرى استسلامها، وتتخبط أعرق الدول في قراراتها، ويُعلن قادتها الاستعداد لفقدان الأهل والأحباب، يُطل على العالم خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز “أيّده الله”، بكلمات أبوية حانية، بثّت روح الإيمان والتفاؤل، والعزيمة والإصرار، لمواجهة هذا الوباء القاتل، مع التأكيد على توفير كافة الاحتياجات للمواطن والمقيم، حيث إننا نجد كل الأجهزة الحكومية، خاصة وزارتي الصحة والتجارة، على أهبّة الاستعداد، وفي قمة الاحترافية، تدير الأزمة بكل جدارة؛ الأمر الذي جعل المملكة من أكثر الدول أمانًا وسلامة، كما نرى وعيًا شعبيًا ملتزمًا بالتوجيهات الرسمية.
ومن بواعث الفخر والاعتزاز، أن نرى سفارات المملكة في دول العالم في حالة استنفار، لإجلاء مواطنيها، وإعادتهم لأرض الوطن، ونرى المستشفيات ومراكز الحجر الصحي على أهبّة الاستعداد، ونستمع لتصريحات وزارتي الصحة والتجارة حول تأمين العلاج والغذاء، والرقابة على المتاجر والأسواق، وغير ذلك من الإجراءات.
ومع كورونا، طرأت أزمة أخرى تتعلق بالنفط، بسبب تجاوز بعض الدول وعدم التزامها بمعاهدات تنظيم الحصص؛ الأمر الذي هوى بالأسعار لمستوياتٍ قياسيةٍ، أثّرت على اقتصاد العالم، خاصة الدول المنتجة للنفط، بيدَ أن سياسة العزم والحزم، والنظرة السعودية البعيدة، وحسن إدارتها للقضية، أظهرت للعالم صلابة الموقف السعودي، وعدم خضوعه للابتزاز والمساومة؛ الأمر الذي دفع روسيا للمطالبة بالعودة لطاولة المفاوضات، كما دعا الساسة الأمريكيين والغربيين لمطالبة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز، بالنظر في السياسة النفطية؛ للوصول لمستويات معتدلة للأسعار.
كل هذا يحتم علي كمواطن، أن أشكر الله ثم قادتنا، وأن أفخر وأعتز بوطني، وثقتي في خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وولي عهده الأمير محمد بن سلمان “يحفظهما الله”.
كما أشكر الأجهزة الحكومية على جهودها الكبيرة وتفانيها في أداء واجبها، وللقطاع الخاص على التعاون والمشاركة الفعّالة، وللمواطنين والمقيمين على وعيهم والتزامهم بالتوجيهات الرسمية، سائلًا الله أن يرفع هذا الوباء عنا.

عايد الهرفي – كاتب

جريدة اليوم – 28 مارس 2020

Share on facebook
Share on twitter
Share on linkedin
Share on whatsapp
Share on email

أحدث​ المقالات

الشلل الرقمي وتأثيره عالمياً

أصبحت التكنولوجيا الرقمية وما يرتبط بها من وسائل التواصل الاجتماعي والهواتف الذكية والمواقع الإلكترونية جزءاً هاماً من حياتنا اليومية ولا يمكن الاستغناء عنها، فجميعنا يتفقد

تفاصيل »

الذكاء الاصطناعي.. ثورة أم تهديد؟

يُعدُّ الذَّكاءُ الاصطناعيُّ، أداةً ثوريَّةً ستُحدِثُ تحوُّلًا هائلًا في كافَّةِ المجالاتِ، خاصَّةً الصناعةَ، فخلالِ السنواتِ القليلةِ المقبلةِ سيتغيَّرُ القطاعُ الصناعيُّ بشكلٍ جذريٍّ، وستحلُّ الربوتاتُ مكانَ

تفاصيل »