أثر علاقة القيادة الاستراتيجية والذكاء التسويقي في تبني سلوكيات التسويق الريادي: دراسة استطلاعية لآراء بعض من متخذي القرار في المصارف الأهلية في إقليم كوردستان

ملخص الدراسة:

نال مفهوم القيادة الإستراتيجية الكثير من الاهتمام واتسع مداه في العديد من الميادين، أَولها كانت العسكرية والسياسية، ثم امتد فشمل الدراسات الإنسانية والسلوكية، ولعل معطيات العمل التجاري، وظروف المنافسة جعلت الدراسات الإدارية توجه اهتمامها بمفهوم القيادة الإستراتيجية، وأثبتت النتائج البحثية الدور المهم والفاعل للقيادة الإستراتيجة في المنظمة.

ويعد التحول الذي شهدته الدراسات الإدارية عامة والتسويقية خاصة نتيجة الظروف المتجددة وطبيعة المنافسة أسهمت في تحويل النظرة الموجهة للتسويق على اساس بيع وتوزيع إلى الاقتناع بأنه ركيزة إستراتيجية تستند إليها المنظمة في الوصول إلى أهدافها، وهذا ما أدى إلى بروز مفاهيم حديثة تتلاءم مع طبيعة عمل المنظمات، إذ جاء مفهوم الذكاء التسويقي بعدّه أداة لرصد كل ما يحدث في بيئة المنظمة ودعم خطوات المنظمة تجاه أَهدافها.

وضمن سياق آخر جاء التسويق الريادي نتيجة التوجهات الحديثة للتسويق، إذ أَسهم بشكل كبير في إِبراز الدور الإستراتيجي للتسويق، وتشجيع المنظمات إلى الخروج من الإِطار التقليدي في العمل التسويقي إلى الالتزام بسلوكيات تتلاءم مع التوجهات الإستراتيجية الحديثة.

وبناءً على ما تقدم تناولت الدراسة الحالية مفهومي القيادة الإستراتيجية والذكاء التسويقي للتعرف على مدى دورهما في تبني المصارف المبحوث فيها لسلوكيات التسويق الريادي. وجاءت الدراسة بجملة من التساؤلات التي تحاكي مشكلة الدراسة، وهي:

  1. هل ان المنظمات المبحوث فيها في وضع تدركَ به واقع الاستفادة من سلوكيات التسويق الريادي في مجمل تحركاتها التجارية؟
  2. هل تتحقق سلوكيات التسويق الريادي في المنظمات المبحوث فيها من واقع ممارسات القيادة الاستراتيجية؟
  3. هل يتحقق بلوغ سلوك المنظمات المبحوث فيها إلى مستوى سلوكيات التسويق الريادي، من الاستفادة من مكونات الذكاء التسويقي؟
  4. ما هي الآثار التي تتركها ممارسات القيادة الاستراتيجية ومكونات الذكاء التسويق على سلوك المنظمات المبحوث فيها عندما تختار التسويق الريادي منهجاً للوصول إلى أهدافها؟

وتهدف الدراسة إلى تحقيق جملة من الامور، منها:

  1. توجيه المنظمات المبحوث فيها إلى التركيز على بعض الجوانب المهمة ضمن طبيعة عمل منظمات الأعمال والتي تتلاءم مع بيئة اليوم وواقع العمل التنافسي.
  2. تجسيد الاطار الفكري للدراسة من خلال التوضيح التفصيلي لمتغيرات الدراسة وطبيعتها والدور المهم الذي تؤديه في منظمات الأعمال وكيفية الاستفادة منها لبلوغ اهدافها.
  3. تحليل ابعاد الدراسة باستجابة القيادة الإستراتيجية في المنظمات المبحوث فيها لاستمارة الاستبانة لتوضيح مدى تأثير سلوكيات التسويق الريادي في المنظمات المبحوث فيها بواقع ممارسات القيادة الإستراتيجية ومكونات الذكاء التسويقي.

وطرحت الدراسة جملة من الفروض منها:

  1. ثمة علاقة ارتباط معنوية بين ممارسات القيادة الإستراتيجية مجتمعة ومنفردة، وسلوكيات التسويق الريادي مجتمعة ومنفردة.
  2. ثمة تأثير معنوي لمكونات الذكاء التسويقي مجتمعة ومنفردة في سلوكيات التسويق الريادي مجتمعة ومنفردة.
  3. تتباين المصارف المبحوث فيها في تبني سلوكيات التسويق الريادي تبعاً لتباين تركيزها على ممارسات القيادة الاستراتيجية و مكونات الذكاء التسويقي.

وللتحقق من صحة الفروض، فقد اختبر مخطط الدراسة ميدانياً في المصارف الأَهلية في إقليم كوردستان، وقد وزّع (76) نسخة من استمارة الاستبانة في (24) مصرفاً في مدينتي دهوك وأربيل على القيادات الإستراتيجية بغية التوصل إلى الاختبارات الدقيقة للفرضيات، والتأكد من صحتها وواقعية مخطط الدراسة، واستخدم البرنامج الاحصائي (SPSS) للتوصل إلى نتائج المطلوبة، وجاءت الدراسة بجملة من الاستنتاجات، منها:

  1. تتجلى ممارسات القيادة الإستراتيجية بشكل إيجابي في إطار أنشطة المنظمات المبحوث فيها، ولكي تحقق المنظمة مقاصدها لا بد من ركائز تستند اليها، إذ تبين من استجابة عينة الدراسة أن سلوكيات التسويق الريادي تعد من أهم ركائز المنظمات المبحوث فيها للوصول إلى أهدافها علما أن بيئة اليوم تضم الكثير من التهديدات والمخاطر وحالات عدم التأكد وصعوبة الحصول على الفرص، وقد أثبتت ممارسات القيادة الإستراتيجية أنها قاعدة لدعم هذه الركائز.
  2. تمتلك مكونات الذكاء التسويقي وقعاً مهماً في دينامية أنشطة المنظمات المبحوث فيها، وظهر هذا بشكل واضح ضمن أولويات عينة الدراسة، وتعد هذه المكونات مصدراً مهماً لتجديد الأفكار وتحسين التوجهات والإجراءات الخاصة بالمنظمات المبحوث فيها، وبالشكل الذي ينسجم مع متطلبات بيئة الأعمال المتجددة من جهة، وحاجة المنظمات المبحوث فيها لتبني سلوكيات التسويق الريادي من جهة أخرى.
  3. إن التنبؤ بالمستقبل يشكل حالة قائمة ضمن سلوكيات التسويق الريادي، وتحتاج المنظمات المبحوث فيها إلى العزوف عن كل ما هو تقليدي، والتركيز على الانفتاح الفكري الحي لتحقيق ذلك، وقد أوضحت دلالات الإطار الفلسفي في الجانب النظري، فضلاً عن آراء عينة الدراسة أن ثمة تلامساً إيجابياً بين ممارسات القيادة الإستراتيجية وسلوكيات التسويق الريادي من جهة، ومكونات الذكاء التسويقي وسلوكيات التسويق الريادي من جهة أخرى.

وقدمت الدراسة في ضوء ذلك جملة من المقترحات تمثلت أَهمها بالآتي:

  1. تحريك ممارسات القيادة الإستراتيجية في المنظمات المبحوث فيها لصالح سلوكيات التسويق الريادي، فكل ممارسة من ممارسات القيادة الإستراتيجية تأخذ في حساباتها التكتيكات الداعمة لتحقيق مقاصد المنظمات المبحوث فيها في تثبيت مرتكزات سلوك التسويق الريادي، وهذا يُعد الدالة التأثيرية لعملية الترابط المعنوي بين البعدين.
  2. ينبغي أن تحسم جميع الأمور باتجاه إيصال المنظمات المبحوث فيها إلى تبني سلوكيات التسويق الريادي، وينبغي أن يكون ثمة استثمار كبير في الذكاء التسويقي، لأنه يجعل المنظمات تسير وفق مسالك صحيحة للرقي بسلوكها إلى مستوى النجاح والنمو والبقاء.

رائد محمد حسن قادر

جامعة الموصل – 2017

Share on facebook
Share on twitter
Share on linkedin
Share on whatsapp
Share on email

أحدث​ المقالات

الشلل الرقمي وتأثيره عالمياً

أصبحت التكنولوجيا الرقمية وما يرتبط بها من وسائل التواصل الاجتماعي والهواتف الذكية والمواقع الإلكترونية جزءاً هاماً من حياتنا اليومية ولا يمكن الاستغناء عنها، فجميعنا يتفقد

تفاصيل »

الذكاء الاصطناعي.. ثورة أم تهديد؟

يُعدُّ الذَّكاءُ الاصطناعيُّ، أداةً ثوريَّةً ستُحدِثُ تحوُّلًا هائلًا في كافَّةِ المجالاتِ، خاصَّةً الصناعةَ، فخلالِ السنواتِ القليلةِ المقبلةِ سيتغيَّرُ القطاعُ الصناعيُّ بشكلٍ جذريٍّ، وستحلُّ الربوتاتُ مكانَ

تفاصيل »