لماذا تفشل المنشآت؟!

ليس من الصعب أن تنشىء شركة تجارية أو منظمة خدمية، ولكن من المستحيل أن يقام هذا المشروع دون عثرات وكبوات، ونجاح الإدارة القائمة على هذا المشروع هو في توقع ذلك ووضع الخطط التي تساعد في كيفية التغلب على هذه العقبات لضمان الانطلاقة والاستمرار فيها وتحقيق النجاح، عكس ذلك فإن هذه المنشآت والمنظمات قد تواجه الفشل الذي يحكم عليها بالخروج من الميدان.

والفشل هنا قد يكون جزئيا أو كليا حين لا تتحقق الأهداف المرسومة أو بعضها، ولمعرفة أكثر دقة بعوامل قد تسبب الفشل لا بد من ذكر أهم العناصر التي تقوم عليها المنشأة، وهي: الموارد البشرية التي يجب أن تكون مؤهلة تأهيلا معرفيا، ومهاريا، بما يتناسب مع أهداف المنشأة. أما العنصر الثاني فهو المال، الذي يعتبر الطاقة المحركة، ومن دون توافره بالقدر الكافي تتعثر المنشأة، والعنصر الثالث وهو السياسات التي تحكم العلاقة بين العاملين، بما لهم من حقوق، وما عليهم من واجبات.

ولأن العنصر الأول، الموارد البشرية، هو أهم أسباب الفشل وأكثرها شيوعا، يستحق أن يكون الحديث فيه بعمق أكثر. فمن الطبيعي أن يكون هناك تباين بين العاملين في أية منشأة من حيث الخبرات والمهارات ومستوى التأهيل والأهداف الشخصية، وما يترتب عليها من تنافس أو تقصير، وإن لم تتم الإدارة الحكيمة لهذه القوى العاملة قد تبرز للسطح مكائد تحاك من بعض الأطراف بما يتعارض مع أهداف المنشأة، لتظهر الممارسات الكيدية كوجه من وجوه صراع المصالح، خاصة إذا أحس طرف ما أن مصالحه الشخصية مهددة.

كذلك قلة التنظيم واعتماد المركزية المطلقة في الإدارة، إضافة إلى عدم إحساس الإدارة بالعاملين وقبول شكاواهم حول ظروف العمل السيئة، مثل طول فترة العمل التي لا توازن بين العمل والالتزامات الاجتماعية، ورتابة الجو العام للعمل، أو وجود عناصر مهمتها إفساد العلاقات بين العاملين، كل هذه تمثل مجتمعة أسبابا لفشل المنشأة وتراجع مستواها ومن ثم خروجها من الصورة.

كما أن الإدارة غير المتجددة تمثل نموذجا سيئا تنعكس آثاره السلبية على منسوبي المنشأة، إذ في عصر التقنية الحديثة التنافس بين الشركات يمثل أحد أسباب التطور والبقاء. ولو أخذنا على سبيل المثال لا الحصر محركات البحث نجد أن (ياهو) كان السائد في يوم من الأيام، إلا أنه لم يتطور مع الوقت بما يتناسب مع التغيرات السريعة حتى تمت إزاحته من الساحة ليحل محله (جوجل).

وفي مطلق الأحوال، تجنب الفشل يحتاج إلى اختيار العناصر الكفؤة ومنحها الهامش الكافي للإبداع.

يقول ستيف جوبز (مؤسس شركة أبل): «ليس من المنطق أن تقوم بتعيين الأذكياء ثم تخبرهم ما يجب عليهم القيام به، نحن نقوم بتعيين الأذكياء كي يخبرونا بما يجب علينا أن نفعله».

عمار محمد العزو – كاتب

جريدة اليوم – السبت 18 يناير 2020


Share on facebook
Share on twitter
Share on linkedin
Share on whatsapp
Share on email

أحدث​ المقالات

الشلل الرقمي وتأثيره عالمياً

أصبحت التكنولوجيا الرقمية وما يرتبط بها من وسائل التواصل الاجتماعي والهواتف الذكية والمواقع الإلكترونية جزءاً هاماً من حياتنا اليومية ولا يمكن الاستغناء عنها، فجميعنا يتفقد

تفاصيل »

الذكاء الاصطناعي.. ثورة أم تهديد؟

يُعدُّ الذَّكاءُ الاصطناعيُّ، أداةً ثوريَّةً ستُحدِثُ تحوُّلًا هائلًا في كافَّةِ المجالاتِ، خاصَّةً الصناعةَ، فخلالِ السنواتِ القليلةِ المقبلةِ سيتغيَّرُ القطاعُ الصناعيُّ بشكلٍ جذريٍّ، وستحلُّ الربوتاتُ مكانَ

تفاصيل »